يُعد الغدر والخيانة من أسوأ المشاعر التي قد يواجهها الإنسان، وخاصة عندما يأتي من أشخاص كان يعتقد أنهم مخلصون له كما هو مخلص لهم. يشعر الشخص بعد ذلك بحزن عميق وألم ويتعرض لفقدان الثقة بكل من حوله. وقد عكس الشعراء هذه التجارب من خلال قصائدهم، وفي هذا المقال سنستعرض بعض الأبيات الشعرية التي تتناول موضوع الغدر والخيانة.
يا كثرة ما رافقت من الأصدقاء والأحباب،
ويا كثرة من هملوني حين الشدة.
على كثرة ما أعددتهم سترًا وحجاباً،
وعلى كثرة ما احتجت لهم، تركوني.
عندما أصبحت الأخوة ثمنها حفنة تراب،
نفس الوجوه التي نصحتني، نسوني.
من دون ذكر الفروق أو الأنساب،
كانوا ثلاثة، والثلاثة جفوني.
علمتهم كيف تُدرك الأهداف،
ولما قوتهم صوبوني.
عشاني كنت الأصغر عمرًا، أصبحوا أحزابًا،
وعشاني كنت صادقهم، ظلموني.
فحتى النصيحة لم يرغبوا في نصحي،
لقرب عطاياهم من الدين والأتعاب.
لو طلبت ذنبهم، لما أعطوني،
وكنت طالب نصيحة، كأني طالب أرقاب.
وهي نصيحة كيف لو زوّجوني،
كنت سأكتب لنفسي مشاريه وعتاب.
ولا أدري إن الذين قرأوني… قرأوني،
تضاربت دوني العقول والألباب.
ويحبذ الكثيرون بديلاً لي ويميلون،
وإذا أنعميت على شعرهم أهداب.
كأني حبست إرقادهم في جفوني،
إذا رأوني يتعبهم النظر إليّ.
من أينما نظروا إليَّ كان وجودي محرق أعصاب،
وهذا يزعج بعضهم من بعض لو طروني.
يا كبراء بأعينهم، وأنا لا أزال شابًا،
وأهم كتاب الشعر حاربوني.
حتى إذا وقعت عليهم شهابا،
يكفيني أن الاسم الذي لي كبير في أعينهم.
كما كان يقول أبي: إن هبتهم قول: ما هاب.
لو كانوا يقدّرونك، فقالوا: ما تقدروني،
ما دام قبري محتضن رأس مرقاب.
وعلى كثرة ما تقدرون دفنوني،
لو لم أكن بذئب، لو ذبحتني الذئاب.
لو لم أعلم كيف أظهر وجودي، لهجوني،
ولو لم أسكن وجههم، متُّ بغياب.
لو لم أستطع محو كتاباتهم، محوني،
أصبحت الأصعب بعدما كانوا أصعاب.
جننتهم مثلما جننوني،
ما جئت لأبدل كبدهم بشعر وخطاب.
حتى تفتت كبد الذي خلفوني.
يا ويل وجهي، كأنه للدمع مخلاب.
ما جف الماح ولا استحى من طعوني،
كلما طرا لي منظر مريب، ارتبت.
كان الوحيد الذي يحرك شجوني،
قبلة صلاة، ذكر، خشوع، وكتاب.
وأمي على سجادة النور تدعو لي،
تسأل الله أن يفتح لي الأبواب.
تتوسل بالشدة أن تكون معي عونًا،
من كثرة ما تخفق بالدعاء، ذاب.
أحست أن زملائي يكرهوني،
بشرتها: معك ربع وأصحاب.
لست لحالي، بل كثيرون يريدونني،
منذ أن حاز قلمي كل الألقاب.
قد كتبتهم في دفتري، احفظوني،
الله وهبني إياهم مِن بني عم وأجناب.
منذ أن جئت، أعجبتهم وأعجبوني،
وإعجابهم فيّ ليس مجرّد إعجاب.
بأسلوبي، بشرحي، بطرحي، بلوني،
لو قلت عن نفسي: بشر، صرت كذاب.
لو قلت أن دمي من ذهب، صدقوني،
لو بكيفهم، كانوا لزرعوا دربي أعشاب.
لو مكنهم التشبه، لأشبهوني،
من كثرة قربهم مني، أصبحوا قرايبي.
حتى بلباس شمغهم تقلدوني،
والكثير دعوني وأغلقوا دوني الباب.
وسوف أستمر في البكاء لهم، ما إن كنت،
لو طالوا لهدمي، مناسيب وأطناب.
أرغبوا فيّ منذ زمن، اهدموني،
فقد وضعوا فيي عيوبًا وسباب.
أبتعد عنهم مثلما جنبوني،
فلو كانت بخوتي تكون عيبًا.
ذبحت نفسي قبل أن يذبحوني،
إن يدي لو لم تمتدت، أوقعتني في ثياب.
قصدت أن أقطع يدي في متوني،
وليس بعيبٍ أن أُدعى، ولا أرى ترحاب.
العيب أن أعود إذا لم يدعوني،
منذ أن أجيت، ولا يحسبون لي حساب.
حرمت الذهاب إذا أرادوا أن يجوني.
أحب خياناتك لي، فهي تؤكد أنك حي،
عاجز عن الكذب وارتداء الأقنعة،
توجعني الأقنعة أكثر من وجعي بالخيانة.
أحبك لأنك متناقض،
لأنك أكثر من رجل واحد،
لأنك الأمزجة كلها داخل لحظة تأجج.
أحب إيذاءك البريء لي، وأنيابك التي لا تعرف خبث مصاصي الدماء.
أحب طعناتك لأنها لم تأتِ مرة من الخلف،
ومع شاعر مبدع مثلك، أنام ملء جفوني عن شواردي جنونك.
فأنت لا تزال طفلاً نقياً،
في بلاد لابسي القفازات البيض على أظافرها الخناجر.
أحبك لأنك تتسلل هارباً من مجدك،
لتعود متسولاً على أبواب الشوق.
أحبك لأنني أتسلق معك المدارات لكواكب الخرافة والدهشة.
أحبك لأنك حين نتواصل،
أصير قادرة على فهم الحوار بين النوارس والبحر.
رجل مثلك،
لا تقدر على احتوائه عشرات النساء،
فكيف أكونهن كلهن مرة واحدة يا حبيبي؟
أحدث التعليقات