لم تتوقف دموعي عن الانسياب،
وحرقة حبي لم تنطفئ رغم كل ما حدث.
ومن واجب الديار التي تركتها أن أنسى،
فلا تدعيني أستمر في البكاء على فراقها.
ولم أقصر في السؤال عن أصدقائي،
ولكنهم لم يجيبوا على استفساراتي.
رأيت الشيب يظهر، فقلت مرحبا،
وودعت حياة الشباب واللهو.
وما شبت بسبب التقدم في العمر،
ولكن فقدان الأحبة هو ما جعلني أبدو هكذا.
لقد أرسلوا لي همومهم،
وجعلوا من قلوبهم حصونا منيعة.
ألم تر أننا أكرمنا الجيران،
وأكثرنا من الحماية والكرم؟
وما من ألم إلا وقد سبّب لي الحزن،
تساقط عليّ مثل الأمطار على الأرض.
هل تنقذ الروح بديلاً مثل الروح في صراعه؟
الله وحده يعلم كم أغليتني هذه التجارب.
فإذا كان العطاء يشمل النفس،
فما كان لم أجعله هبة إلا لمن يستحقها.
عيد أتيت بلا محبوب،
وقلبي في كرب وعذاب.
عدت، ولكن أعين الناظرين،
محرومة من كل جمال.
أيتها الوحدة في الدار،
قد غنّي أصحابك في المكان.
أحدثتنا كلمات حلوة عن العيد،
لكنها لم تعيد لنا طعم السعادة.
مالي وللزمن وأحداثه،
التي ألقتني في غياهب العجائب.
رأيتك لا تختار سوى أن تبتعد،
فابعدت نفسي لتبقى بعيداً عنك.
فابتعادك يؤلمني، وقربي لك عذاب،
فكيف لي أن أتحمل هذا الواقع؟
ارتدينا ثوب الليل، والليل ما زال رضيعًا،
حتى بات رأسه يغزو الشيب.
ظلّلنا كغصني بانٍ عبثت فيه الرياح،
حتى الصبح ينفخ في وجهينا.
وفي الأجواء نرد على حسدهم،
ونتجنب عيون الرقباء.
حتى ظهر ضوء الصباح وكأنه،
بدايات زهور تسطع في الندى.
فلقد افترقنا في الليل بلا لوم،
وأنت أقبلت في الصباح بلا حبيب.
وقفت أمام الحزن والنحيب،
من عيني الغزال الجميل.
فكلما غاب عني السلوى،
أصابتني نظرة في القلب.
هل يوجد من يستحق المساعدة،
لطفًا في حالة الحب والسقوط؟
أيها المذنب، عليك اللوم،
حتى اعتقدت أن الذنوب كانت ذنوبي.
كن كما تريد من وصلة أو فراق،
أما قلبي فهو لك دومًا مكتئب.
لك جسد الهوى وثغر الأزهار،
ونسمات الربيع المتقطعة.
وأصبح مشرقًا كما الصباح،
وقدم لي كأسًا من رحيق،
وكأسًا من ندى وجمال وجه.
من نور شعره أشعت صباحي،
ومن رائحة شفتيه بدأت صباحي.
فلا تتعجل في تصريف روحي،
فالموت من أجلك أهون من الفرقة.
ولو كان بإمكاني، لكونت أول الواصلين.
هل أشتكي من جناية غريبة،
تؤجج غيض العدو وكبت الحاسد؟
قد كنت قيمتي، التي استخدمتها،
يدي عندما يشتد الزمن.
لكنني فقدت منك ما لم أتوقع،
وما زال البشر يفرح بالهبة.
ولكن جاءت فترة من المعاناة،
أثرت على جميع السعادة.
فصبرت كالأب الذي يتقبل الألم،
وخابت عهوده في الوفاء.
وسقيت من كأس هموم عنيفة.
عما عانيت في قلبي العاشق،
هذا الغزال الرقيق،
طول ليلي طويل،
ونومي قصير.
لقد أسرني فؤادي،
فدعه يفديك بأسرار.
يا ليلة لا أستطيع نسيان طيبها أبدًا،
كأن كل سرور فيها موجود.
باتت وبتت، وكان الزق ثالتنا،
أهدت نخبها لي بصدق.
كأن العناقيد السود بألقها،
أهدت سلافها، كأنها تعود.
ألا يردع الموت أهل الحكمة،
ويمنع الغي، من استخدموا الحكمة؟
هل من عالم واعٍ بمسار الزمن،
يذهب ويجيء بخطوات قصيرة؟
يا من تلهو فارغًا، والمصير،
قريب منك، في متناول اليد.
تفرح بشيء كأنه قد ولى،
وترتقب شيئاً كأنه قد أتى.
إذا مررت بعمر القبور،
تأكد أنك منهم غدًا.
وأن العزيز والذليل،
سيان عند عيد الفناء.
غريبين تحت تراب الأرض،
بدون أمل سوى عفو الله.
ولا عمل إلا ما قد مضى،
فإن كان خيرًا، فالخير لك،
وإن كان شرًا، فشرّ تجد.
لمن الأجداد الأكرم،
من بين البشر في الماضي.
من يعد كما أعد،
من ذا يرد صفحته؟
من ذا يقوم لملته،
بين الصفوف، مقامه؟
من يحمي حريمه من المتسلطين،
بينما لا أستطيع حماية مالي؟
ويبقى حذري حريصًا،
حتى أمان دهور الأيام.
يقبل ليلي كليلة،
ويشتعل ناري بالشرف.
يا نار، إذا لم تجلبي،
ضيفًا، فلست بناري.
والعز ضروري للسراة،
والقباب لجاري.
يجني بلا أن يجني عليه،
واتقي الجلّى في مصيرك.
ما سبب الجفاء والغضب؟
وما بال كتبك أصبحت،
تبتعد عني وسط الشدائد؟
وأنت الكريم، وأنت الحليم،
وأنت العطوف، وأنت الحدب.
ما زلت تسابقني بالجميل،
وتنزلني بين الجانب الخصيب.
وتدفع عني مصاعب الحياة،
وتكشف عن عيني العذاب.
إنك الجبل المنيع،
لكن لشعبك، وللعرب.
منافع تُستفاد ومال يُحصل،
وعزة ترفع، ونعمة تُبث.
وما ينقصني من هذا الإيمان،
وإنما أخليتُ بنقاء الذهب.
فما الذي يدفعني للصراع،
مع من نلت الدرجات العليا؟
وكان الجواب معي،
لكن بجلالته لم أتحدث.
وكثبان من النقاء مُستعارة،
وغزال فيه سحر ونظرة،
من لطافة الظباء تبهج القلب.
لا أخالف في اقتراف المعاصي،
في حب مثلك تطفأ نار المجاح.
لقد حذرتُ طويلاً، لكنني،
انجررت لنحو حبك القوي.
كم أردت أن أنسى، لكنني،
أكثرنا قد دعاني بالشوق.
أحدث التعليقات