إنّ فن الخطابة يعد أحد أشكال النثر الفني البارزة في الأدب العربي، حيث flourished في العصر الجاهلي بفعل الظروف الاجتماعية والسياسية التي سادت في تلك الفترة. فقد انعكست قضايا وهموم العرب في مواضيع الخطابة، مما أدى إلى ظهور أنماط متعددة منها، مثل خطب الوصايا والرثاء والزواج، بالإضافة إلى تحفيز الناس على الانخراط في الحروب.
كانت الخطابة تعبيرًا عن الحياة القاسية التي عاشها العرب في تلك الفترة، حيث عبّرت عن مآسيهم ومسراتهم من خلال مجموعة من الموضوعات التي كانت تلامس حياتهم اليومية.
تعددت الأسباب التي ساهمت في انتشار فن الخطابة في العصر الجاهلي، ومنها:
حيث كان العرب يتمتعون باستقلالية في الفكر والتعبير دون قيود.
إذ كانت هذه الصراعات بحاجة إلى تنظيم ودعوة، مما أدى إلى بروز الخطب الحربية.
كانت تُعقد في الأسواق والخيام وساحات الأمراء لتسليط الضوء على مهارات الخطابة والبلاغة لدى العرب.
تميز العرب بقدرتهم الكبيرة على التعبير، علاوة على فطرتهم الأدبية وحسن البيان.
اتسمت الخطابة العربية بأغراض متعددة وفقًا للموقف الذي كانت تُلقى فيه، ومن أبرز هذه الأنواع:
تظهر هذه الخطبة عندما يقوم وفد بزيارة الأمير، حيث يلقي رئيس الوفد خطبة يوضح فيها مشكلات قومه، بغرض الوصول إلى حلول من الأمير.
تتضمن هذه الخطبة توجيهات عامة للجماهير، مثل خطاب قس بن ساعدة في سوق عكاظ، حيث يقوم الخطيب بتقديم نصائح لمحيطه، سواء لعائلته أو أقاربه.
عندما يرغب أحدهم في الزواج، يرتجل أحد أفراد قبيلته خطبة يطلب فيها يد الفتاة، وقد كانت هذه الخطب مُعتمدة بشكل خاص بين الأشراف. مثال على ذلك خطبة أبي طالب عندما طلب يد السيدة خديجة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
برزت هذه الخطابة في المجتمع القبلي الذي شهد صراعات كثيرة، وكان يتطلب الدفاع عن القبيلة، مثل خطبة هانئ بن قبيضة.
في ظل النزاعات المستمرة، كان حكماء القبائل يتمتعون بسلطة الفصل بين خصومات القبائل، مثل حكمة أكثم بن صيفي.
تتضمن مناظرات بين طرفين، حيث يتسابق كل طرف لإظهار فخره، كما في منافرة عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة.
أصبحت خطب العزاء أساسية للتعبير عن فقدان شخص عزيز، مثل خطبة أكثم بن صيفي عند عزاء عمرو بن هند.
تكون عادةً عند الاقتراب من الموت، حيث يوصي الشخص من حوله بما يهمه من أمور، كما فعل ذي الأصبع العدواني مع ابنه.
تتميز الخطابة الجاهلية بعدة خصائص، نذكر منها:
تميزت ألفاظ الخطابة بالقوة والجزالة، وقد تكون أحيانًا صعبة الفهم نظرًا لقصصهم الواقعية:
كانت المعاني عادةً قوية ومباشرة، حيث:
كان لأسلوب الخطابة مجموعة من الخصائص، منها:
كان للخطباء الجاهليين مجموعة من الطقوس عند إلقاء خطبهم تشتمل على:
من بين الخطباء البارزين في العصر الجاهلي:
يعتبر الجد السابع للنبي محمد، وكان له مكانة مميزة في الخطابة العربية.
أحد أشهر الحكماء، وقد برز كخطيب في العصر الجاهلي.
جد النبي محمد، وقد تمتّع بسلطة كبيرة ونفوذ بين العرب.
فارس مشهور، وقد ارتبط اسمه بمنافسات تاريخية.
برزت الخطابة كفن أدبي مهم، حيث كان لها دور كبير في الحياة السياسية، مما جلب لها مكانة مرموقة توازي مكانة الشعر. إذ كان من الضروري أحيانًا ارتجال خطبة لتلبية احتياجات اللحظة.
ولأن النثر لا يرتبط بقواعد صارمة كما الشعر، فإن الخطابة أتاحت للمتحدثين إمكانية التعبير بحرية عن أفكارهم ومشاعرهم، مما زاد من مكانتها في المجتمع الجاهلي.
نستعرض بعض النماذج البارزة من خطب العصر الجاهلي:
“إن أهل هذه الدار سفر، لا يحلون عقد الرحال إلا في غيرها، وقد أتاك ما ليس بمردود عنك…”
“الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم… ولها فيه مثل ذلك…”
“يا معشر بكر، هالك معذور خير من ناج فرور…”
بعض الكتب التي تتناول فن الخطابة في العصر الجاهلي تتمثل في:
تأليف محمد أبو زهرة، حيث يناقش الكتاب أنواع الخطابة منذ بداياتها وحتى العصر الحديث.
تأليف عبد الإله الصائغ، ويتناول الكتاب مختلف الفنون الأدبية مع التركيز على فن الخطابة.
أحدث التعليقات