فئات التسامح المختلفة في الإسلام

تتعدد أشكال التسامح في الإسلام، حيث تُعتبر من القيم الرفيعة التي دعا إليها الله والرسول الكريم في السنة النبوية. ومن الضروري أن يتحلى المسلم بهذه الصفات الإيجابية، وأن يكون متسامحًا مع من حوله.

ترمز هذه الفضيلة إلى التشديد على التسامح في التفاعلات اليومية مع الآخرين والعفو عنهم عند الإمكانية. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في الآية السادسة عشرة من سورة المائدة: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

أشكال التسامح في الإسلام

يُعتبر التسامح من الصفات الأساسية للمسلمين ويتجلى في عدة مظاهر مثل العفو عن الأموال، والتجاوز عن الإساءات اللفظية، وتفادي العنف مع الآخرين. ومن أبرز هذه الأشكال ما يلي:

التسامح الديني

  • ينفرد الدين الإسلامي بسهولة ويسر، إذ يُعتبر من أبرز الأديان التي تحض على التسامح.
    • التسامح الديني يُفسر بأنه يترك حرية الاعتقاد لكل فرد على أراضي الدول الإسلامية.
  • الأساس في التسامح الديني هو حرية الأشخاص في أداء عباداتهم وممارسة شعائرهم الدينية دون تدخل من المسلمين.
    • كما يضمن عدم تعرضهم لأي ضغط، حتى لو عاشوا في نفس البيئة.
  • التسامح يعني المساواة بين الأفراد دون اعتبار لدينهم أو معتقداتهم، سواء في القوانين المعمول بها أو المزايا الممنوحة للمواطنين.
  • على المسلم أن يحترم أتباع المذاهب والديانات الأخرى، بعيدًا عن أي نظرة عنصرية.
    • وقد كانت صفة التسامح معروفة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أطلق لقب “أهل الذمة” على أصحاب الديانات الأخرى، وقد ورد في القرآن والسنة ما يشدد على حفظ حقوقهم.

التسامح مع التعددية

  • يُعبر عن التسامح مع التعددية كونه يُبطل الفوارق الاجتماعية التي وُجدت قبل الإسلام، حيث جاء ليزيل تلك الفروقات.
  • في زمن الجاهلية، كان يتم التمييز بين الأفراد بناءً على لون البشرة أو الدين أو العقيدة، كما كانت هناك تفرقة بين العرب والأجانب، وعصبية قبلية بين القبائل.
  • وفقًا للإسلام، جميع الأفراد متساوون، ولا يُفضل أحد على الآخر إلا بالتقوى وطاعة الله.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ؛ إلَّا بالتَّقْوى).
  • المؤمن الحقيقي يجب أن يقبل الآخرين بمختلف معتقداتهم، مع العلم أن تلك الاختلافات هي طبيعة البشر.

التسامح الثقافي

  • يشير هذا النوع من التسامح إلى كيفية تعامل المؤمن مع الآخرين باحترام وأدب، خاصة عند التحدث إليهم.
    • إن المعرفة تتبادل من خلال الحوار، لذا يجب أن يتمتع المؤمن بأخلاق حسنة كونه واجهة لدينه.
  • يجب حل النزاعات والمشاكل بين الأفراد بطريقة مهذبة، من خلال الحوار وفتح مجال لتقارب وجهات النظر بهدف الاقتناع.
  • الحضارات القديمة قبل الإسلام كانت تعاني من التمييز الطبقي والفروقات الاجتماعية، حيث كانت تجارة العبيد منتشرة، وكان يُعتبر الملوك والأثرياء هم الأفضل، حتى جاء الإسلام ليعلي من مكانة العلم والإيمان.

القواعد الأساسية للتسامح في الإسلام

هناك مجموعة من الأسس والمبادئ التي حث عليها الإسلام في التعاملات اليومية، وتشكل القواعد الأساسية للتسامح، ومنها:

  • الإقرار بأن اختلاف الطبع والعقائد بين البشر هو أمر مشروع وأن الله سبحانه وتعالى يريد ذلك.
  • الإنسان مخير على هذه الأرض، وهو المسؤول الوحيد عن أفعاله، حيث يُجازى على الأفعال الجيدة ويُحاسب على السيئة.
  • يعتبر التسامح مع أصحاب العقائد والديانات الأخرى ركنًا من أركان الإيمان في الإسلام.
  • كلف الله الرسل ببلاغ رسالة الإسلام ونشرها دون إكراه للناس على اعتناقها.

التسامح في القرآن الكريم

تم ذكر التسامح في العديد من الآيات القرآنية، ومن أبرزها:

  • في سورة الشورى، الآية 40: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
  • في سورة النور، الآية 22: (ولَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ).

التسامح في السنة النبوية

توجد العديد من الأحاديث النبوية التي تحث على التسامح، ومنها:

  • عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تَعافوا الحُدودَ فيما بَينَكم، فما بَلَغَني مِن حَدٍّ فقد وَجَبَ).
  • عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (من ترك القصاص وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو فأجره على الله).

نماذج من التسامح في الإسلام

تتعدد أمثلة التسامح في الإسلام، ومنها:

عفو سيدنا يوسف عليه السلام عن إخوته

تعتبر قصة سيدنا يوسف عليه السلام من أعظم أمثلة العفو، حيث قال الله تعالى في سورة يوسف: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

عفو النبي عليه الصلاة والسلام عن سهيل بن عمرو في فتح مكة

عفا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن سهيل بن عمرو، حيث قال لصحابته: “من لقي منكم سهيلًا فلا يسئ لقاءه، فلعمري إن سهيلًا له عقل وشرف وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولكن قدر فكان”.

أهمية التسامح للفرد والمجتمع

يحمل التسامح أهمية بالغة للفرد والمجتمع، حيث يسهم في:

  • تعزيز السلم والتعايش الاجتماعي، مما يخلق بيئة سلمية ومتناغمة، حيث يتعايش الأفراد بسلام على الرغم من اختلافاتهم.
  • تعزيز العلاقات الإنسانية، حيث يساعد التسامح في بناء علاقات دائمة قائمة على الاحترام المتبادل.
  • تقوية القيم الإنسانية، حيث يُعتبر التسامح قيمة أساسية تعزز من فهم الإنسانية وطرق التعامل مع الآخرين.
  • الحد من الصراعات والتوترات، مما يجعل التسامح أداة فعّالة لتهدئة الأوضاع في حالات الخلاف.
  • تعزيز الاستقرار والتنمية، إذ تساهم قيم التسامح في خلق بيئة آمنة تدعم التقدم الفردي والمجتمعي.
  • تعزيز النجاح الفردي والجماعي، حيث يساهم التسامح في تأسيس بيئة ملائمة لتحقيق الأهداف والتطلعات.
Published
Categorized as معلومات عامة