يشتهر العصر المملوكي بوصفه بداية لفترة من الضعف والانحطاط في الأدب، ومع أن هذه الفكرة قد تكون صحيحة إلى حد ما، إلا أن العديد من الباحثين يعتبرونها ظلماً لهذا العصر، حيث شهد فترة من الإنتاج الأدبي الغزير والموسوعات التي تناولت شتى مجالات المعرفة والآداب. ومع ذلك، فإن مستوى الأدب خلال هذا العصر كان أقل جودة من العصور السابقة، ويعود ذلك لعديد من الأسباب التي سنلقي عليها الضوء في هذا المقال.
تتعدد الأسباب التي أسهمت في ضعف الأدب خلال العصر المملوكي، ومنها:
تعددت الفنون النثرية التي برزت خلال العصر المملوكي، ومن أبرزها الرسائل التي تعكس جوانب سياسية، اجتماعية، وعلمية، وسنستعرض ذلك فيما يلي:
تتعلق هذه الرسائل بما يصدر عن السلاطين من أوامر للولاة، أو التبادل الدبلوماسي بين المماليك وملوك الدول المجاورة، أو تعيين أشخاص في مناصب جديدة. وتحمل هذه الرسائل قيمة تاريخية كبيرة، حيث تزودنا بفهم شامل للتدابير السياسية والعسكرية السائدة في تلك الفترة، وتظهر براعة المماليك في إدارة سياستهم الخارجية.
استمر أدباء العصر المملوكي في اتباع نمط كتابات السابقين، حيث كانت مواضيع الرسائل تتضمن المديح، التعزية، الشكر، والتهنئة، مع اهتمامهم بتقليد اللغة والأسلوب البلاغي الخاص بالأدباء السابقين.
تعتبر الرسائل العلمية من أبرز الأنواع الأدبية التي انتشرت في ذلك العصر، حيث انقسمت إلى رسائل إجازة واستجازة. فالأولى تعني طلب الإذن من عالم أو أديب آخر لرواية علمه، بينما الثانية تعني قبول هذا الطلب. وهذا يدل على أن ما حققه العلماء والأدباء في العصر المملوكي كان متميزًا وليس بالأمر القليل.
يتزامن تاريخ سقوط الدولة العباسية في بغداد مع أحد أبرز التحولات السلبية في تاريخ العرب المسلمين، حيث يُعتبر هذا الحدث علامة فارقة بين قوة الدولة وضعفها. ومع أن العديد من الباحثين يميلون إلى الحزن على ما آل إليه حال الأمة، فإنهم يغفلون جانباً مهماً من تاريخ العرب والمسلمين في العصر المملوكي لاحقًا.
وعلى الرغم من وجود ضعف في الأدب في العصر المملوكي، فإن تقييم هذا العصر يتطلب دراسات أكثر شمولاً، إذ أن عدد المؤلفات التي صدرت خلاله كانت مرتفعة جدًا ولم تصل إليها العديد من الحضارات السابقة، إضافة إلى دور المؤلفين في حماية وترتيب العلوم والآداب التي تضررت بعد غزو بغداد.
ومع النظر إلى الابتكارات والتجديد في الأدب خلال العصر المملوكي، نجد أنها كانت قليلة جداً، إذ انحرف الأدباء نحو الشكل والصنعة بدلًا من المضمون. ومع ذلك، يُعتبر هذا إنجازًا للأدباء، لأنه يتطلب مهارات عالية في اللغة.
أحدث التعليقات