تعتبر قصيدة “إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً” واحدة من أبرز القصائد التي أبدعها الإمام الشافعي، حيث تناولت الموضوعات المتعلقة بالعلاقات بين الأصدقاء من الغدر والمحبة، وما ينبغي أن يحدث في ظل هذه العلاقات القاسية.
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً
قد لا يدرك البعض أن الإمام الشافعي كان لديه شغف قوي بكتابة الشعر، وقد أنتج العديد من القصائد الرائعة، ومن أشهرها هذه القصيدة التي سنستعرض أبياتها، وهي “إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً”:
- إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً.
- فدعه ولا تكثِر عليه التأفف.
- ففي الناس أبدالٌ وفي الترك راحةٌ.
- وفي القلب صبرٌ للحبيب ولو جفا.
- فما كل من تَهواه يَهواكَ قلبهُ.
- ولا كل من صافَيتَه لك قد صفا.
- إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةً.
- فلا خير في ودٍ يجيءُ تكلفاً.
- ولا خير في خِلٍ يخون خليلَه.
- ويلقاه من بعد المودةِ بالجفا.
- وينكر عيشاً قد تَقادم عهدهُ.
- ويظهر سِرّاً كان بالأمس قد خفا.
- سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها.
- صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعد مُنصفا.
شعر الإمام الشافعي
قد يتساءل البعض كيف لشخصية بارزة مثل الإمام الشافعي، التي عُرفت بتعمقها في القرآن والسنة، أن تكون شاعرة.
لكن هذه الجوانب لم تكن متعارضة في شخصية الشافعي:
- أكد جميع علماء الفقه والشريعة الإسلامية أن الشعر بحد ذاته لا يُعد محرمًا.
- بل إن المحرم هو الشعر الذي يثير الفتنة وينشر الفساد، وهذا ما كان الإمام الشافعي بعيدًا عنه.
- لقد تأثر الإمام الشافعي بشغفه العميق للغة العربية أثناء دراستها.
- ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن تنقلاته المتعددة إلى جانب تجربته الشخصية كانت لها تأثيرات عميقة.
- لذا نجد أن بيئته الريفية كان لها أثر كبير في شعره، حيث تعكس كتاباته مشاعر الصداقة، كما في قصيدة “إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً”.
- كذلك قام بكتابة قصائد تعبر عن الصفات الإنسانية المختلفة.
- فكتب عن البخل في قوله: (بلوت بني الدنيا فلم أر فيهم، سوى من غدا والبخل ملء إهابه).
- كما تناول موضوع الصبر والرضا في قوله: (دع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفساً إذا حكم القضاء).
- ورجاء الله عز وجل في قوله: (إليك إله الخلق أرفع رغبتي، وإن كنت يا ذا المِن والجود مجرماً،
- ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي، جعلت الرجا مني لعفوك سُلماً).
الدروس المستفادة من قصيدة “إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً”
تقدم لنا قصيدة الإمام الشافعي “إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً” العديد من الدروس والعبر القيمّة.
وإليك أبرز هذه الدروس:
- لا يمكن أن نجد أصدقاء في حياتنا خالين من العيوب، إذ لا يوجد إنسان كامل، ومن هنا يجب علينا توقع الأسوأ.
- توضح القصيدة أن الخطأ من الصفات البشرية الطبيعية، ومن الضروري أن يتعلم الفرد من أخطائه بسرعة بمجرد الإحساس بها.
- كذلك، تشير القصيدة إلى أن الكثيرين لديهم مكانة في قلوبنا، لكن ليس بالضرورة أن تكون هذه المكانة متبادلة بالمثل.
- تؤكد القصيدة على أهمية احترام الذات والتمسك بالكرامة، حتى وإن كان ذلك يُسبب بعض التضحيات.
كما يمكنكم الاطلاع على:
نبذة عن الإمام الشافعي
قد يعرف البعض الإمام الشافعي كواحد من الأئمة الأربعة ومؤسس المذهب الشافعي، لكنه في الحقيقة شخصية غنية بالحياة الشخصية:
- اسمه الكامل عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي، وُلد في عام 150 هجريًا في مدينة غزة الفلسطينية.
- وفي سن العامين انتقل مع أسرته إلى مكة المكرمة.
- في مكة المكرمة، أتم حفظ القرآن بحلول سن الرابعة.
- قبل أن يبلغ سن العشرين، أصبح أحد طلاب العلم في مكة، وبعدها هاجر إلى المدينة المنورة لتلقي العلم على يد الإمام مالك بن أنس.
- ثم انتقل إلى اليمن لاستمرار طلب العلم، ومن ثم إلى بغداد لتدارس المذهب الحنفي بدقة.
- استمر الإمام الشافعي في تعليم الناس حتى انتقل إلى مصر في 199 هجريًا، حيث نشر مذهبه حتى وفاته.
- توفي في 204 هجريًا، وحظي بترحيب كبير في مصر، حيث كان معروفًا لدى علمائها بكتابه “الرسالة”.
أخلاق وصفات الإمام الشافعي
من الضروري تسليط الضوء على الصفات والأخلاق التي يتمتع بها الإمام الشافعي، فهو قدوة للكثير من الشباب المسلمين.
يمكن تلخيص صفاته فيما يلي:
-
غزارة العلم: عُرف الشافعي بأنه محب للعلم وذو ذكاء، وهذا ما ساعده في تشكيل مذهبه الخاص الذي أضاء طريق الكثيرين إلى الصواب.
-
التواضع: على الرغم من مكانته العلمية، إلا أنه كان مثالًا في التواضع، يتعامل مع الجميع بلا تمييز.
-
الكرم: وُصف الإمام الشافعي بكرمه وسخائه.
-
العبادة والورع: كان يُعرف بشغفه في العبادة، حيث كان يقضي معظم وقته في المسجد، ويختم القرآن يوميًا، ويعقد خطة لِختمه 60 مرة في شهر رمضان.
-
تشجيع العلم: كان من أنصار العلم، وسعى دومًا لتحفيز الآخرين على طلب المعرفة.
ضريح الإمام الشافعي
بعد وفاته، قرر الناس تشييد ضريح له يكون رمزًا لقربه من الله تعالى ويُذكر الناس بالعبادة.
- يتواجد ضريح الإمام الشافعي اليوم في مصر، أنشأه السلطان صلاح الدين الأيوبي.
- صُمم الضريح بشكل متميز، حيث يتميز بقبة ذهبية ترمز للإمام الشافعي.
- وقد تم طلاء القبة باستخدام نحاس ذو اللون الذهبي.
- ويعد هذا الضريح من الأضرحة الكبرى المعروفة عالميًا.
أحدث التعليقات