تتميز اللغة العربية بعراقتها وأصالتها، إذ تُعتبر من أقدم اللغات التي أبدع الأدباء في نظم الشعر من خلالها، فهي رمز هوية العرب ووسيلة تعبيرهم. على مر العصور، كان العرب يسعون للحفاظ على لغتهم وقواعدها ونحوها وكلماتها الجميلة، كما تنافسوا في كتابة القصائد ومدح هذه اللغة ذات الجمال الفائق. استمر تواجد اللغة العربية بقوة وثبات حتى يومنا هذا، ولا يزال يُنظر إليها كرمز للعزة والكرامة. تزداد شعبيتها بشكل مستمر بين الناس بفضل عظمتها وقوة تعبيراتها، حيث تتميز بالجزالة والرصانة. في هذا المقال، سنستعرض مجموعة من أجمل الكلمات والقصائد التي نظمها شعراء وأدباء باللغة العربية.
وُلِد الشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين في إمارة عجمان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد نظم قصيدة بعنوان “اللغة العربية” جاء في أبياتها:
لغة القرآن يا شمس الهدى
صانك الرحمن من كيد العدى
هل على وجه الثرى من لغة
أحدثت في مسمع الدهر صدى
مثلما أحدثته في عالم
عنك لا يعلم شيئاً أبداً
فتعاطاك فأمسى عالما
بك أفتى وتغنى وحدا
وعلى ركنك أرسى علمه
خبر التوكيد بعد المبتدا
أنت علمت الألى أن النهى
هي عقل المرء لا ما أفسدا
ووضعت الاسم والفعل ولم
تتركي الحرف طليقاً سيدا
أنت من قومت منهم ألسنا
تجهل المتن وتؤذي السندا
بك نحن الأمة المثلى التي
توجز القول وتزجي الجيدا
بين طياتك أغلى جوهر
غرد الشادي بها وانتضدا
في بيان واضح غار الضحى
منه فاستعدى عليك الفرقدا
نحن علمنا بك الناس الهدى
وبك اخترنا البيان المفردا
وزرعنا بك مجداً خالداً
يتحدى الشامخات الخلدا
فوق أجواز الفضا أصداؤه
وبك التاريخ غنى وشدا
ما اصطفاك الله فينا عبثاً
لا ولا اختارك للدين سدى
أنت من عدنان نورٌ وهدى
أنت من قحطان بذل وفدا
لغة قد أنزل الله بها
بينات من لدنه وهدى
والقريض العذب لولاها لما
نغم المدلج بالليل الحدا
حمحمات الخيل من أصواتها
وصليل المشرفيات الصدى
كنت أخشى من شبا أعدائها
وعليها اليوم لا أخشى العدا
إنما أخشى شبا جُهالها
من رعى الغي وخلى الرشدا
يا ولاة الأمر هل من سامع
حينما أدعو إلى هذا الندا
هذه الفصحى التي نشدو بها
ونُحيي من بشجواها شدا
هو روح العرب من يحفظها
حفظ الروح بها والجسدا
إن أردتم لغة خالصة تبعث
الأمس كريماً والغدا
فلها اختاروا لها أربابها
من إذا حدث عنها غرّدا
وأتى بالقول من معدنه
ناصعاً كالدُر حلى العسجدا
يا وعاء الدين والدنيا معاً
حسبك القرآن حفظاً وأدا
بلسان عربي، نبعه
ما الفرات العذب أو ما بردى
كلما قادك شيطان الهوى
للرّدى نجاك سلطان الهدى
الشاعر حافظ إبراهيم، المعروف بلقب شاعر النيل، وُلِد في عام 1872. عرف بشجاعته في التعبير عن قضايا الشعب، وقد تُرجمت العديد من أعماله عن الشعراء الغربيين مثل شكسبير وهوجو، وتوفي في عام 1932. في قصيدته حول اللغة العربية، قال:
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتي
وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني
عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي
رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني
ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني
أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة
وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ
بما تحتَه مِنْ عَثْرَة وشَتاتِ
سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة أَعْظُماً
يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه
لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ
وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ
حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً
مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة
وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّة
فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي
أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ
إلى لغة لمْ تتّصلِ برواة
سَرَتْ لُوثَة الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى
لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعة
مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ
بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي
فإمّا حَياة تبعثُ المَيْتَ في البِلى
وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي
وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ
مماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَسْبمماتِ
أحدث التعليقات