يعمل البشر عادةً نحو تحقيق السعادة التي يتمنونها، ولكن مفهوم السعادة يختلف من شخص لآخر. فبعض الأفراد يرون السعادة في المال، مما يدفعهم إلى قضاء حياتهم في جمع الثروة، دون أن يلاحظوا أن المال ليس دائمًا وأن سعادتهما مؤقتة. قال الله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ). بينما يعتبر آخرون أن السعادة تكمن في الحصول على وظيفة مرموقة أو مركز اجتماعي، وهناك من يراها في الصحة الجسدية والنفسية، ومن يشعر بالأمان والاستقرار البعيد، وآخرون يجدون سعادتهم في الإيمان وطاعة الله تعالى والفوز بجنته.
يعود اختلاف مفهوم السعادة بين الناس إلى حقيقة الفقد، فالشخص الذي فقد شيئًا ما يرى سعادته في استعادة ما فقده. فاقد المال قد يجد السعادة في توفر المال بين يديه، وفاقد الصحة الذي عانى لفترة طويلة مع مرضه يبحث عن سعادته في الاستعادة الكاملة لصحته.
يتساءل البشر عن مكان العثور على السعادة الحقيقية والدائمة. هذا السؤال أرق الكثيرين، لأن كافة الملذات والمغريات لا تدوم، لذا فإن السعادة الحقيقية تكمن في دوام الشيء واستمرارية منفعته. وبالتالي، يجد الفرد الناجح سعادته في جوانب متعددة من حياته.
العبد المسلم الذي يسعى نحو سعادة القلب وراحة النفس، يجد كل ذلك في طاعة الله وامتثال أوامره والابتعاد عن المعاصي. فالقلب المسلم يميل ويشتاق للعبادة أكثر مما يشتاق لمتعة الحياة الفانية. من خلال طاعة العبد وإيمانه وقربه من الله سبحانه، يصبح حب الله هو القاعدة الأساسية المطلوبة، ويحقق بفضل ذلك الحب والطاعة. قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ).
إن الطاعة لله وعبادته ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي أفعال وسلوكيات تُترجم على أرض الواقع، وتظهر أثرها في الحياة. فلا يوجد طريق أنفع وأوضح من طريق الهداية لتحقيق السعادة والبهجة. يقول الله في كتابه الكريم: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى). تأتي هذه الآية لتوضح أن من يشق طريق الهداية لن يضل في الدنيا ولن يشقى في الآخرة.
إن الذكر والدعاء يزيلان قسوة القلب ويمنحان السلام الداخلي والطمأنينة. قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ). إن ذكر العبد لله يمنحه سعادة في الدنيا والآخرة.
ذكر ابن القيم في كتابه فوائد الذكر العديدة، منها أنه يجلب رضا الله، ويطرد الشيطان، ويزيل الهم والحزن، ويقوي الصحة ويمنح نورًا للجسد والوجه، كما أنه يجلب الرزق ويورث المحبة من الله ومن الناس.
إن رضا العبد بما قسمه الله له يعد سببًا رئيسيًا للسعادة والسرور. فالقناعة تعني النظر إلى من هو أدنى منه في نعم الدنيا، بدلًا من التركيز على من هو أعلى؛ فعندما ينظر الإنسان إلى من فُضل عليه، يتحول إلى سعي مستمر لنيل ما لا يمتلكه، بينما إذا نظر إلى ما عند الآخرين من نقصان، سيشعر بالقيمة الحقيقية لنعمة الله عليه، مما يجعله يشعر بالسعادة والامتنان لله.
توجد متع حياتية تُدخل السعادة على قلب الإنسان، ومن تلك المتع وجود شريكة حياة صالحة تُعينه على مصاعب الحياة. كذلك، وجود بيت واسع وجار صالح يساهم في تحقيق السعادة. يقول سعد بن أبي وقاص: (ثلاثٌ من السعادة، وثلاثٌ من الشقاوة…).
السعادة تعبر عن حالة نفسية تصيب الفرد في حياتهم، ويمكن تحقيقها من خلال قوة الإرادة والعزيمة. من المفاتيح التي قد تساعد في الوصول إلى السعادة :
يضيف تيموثي جيه شارب أنه يتعين على الشخص ممارسة بعض الأمور التي تعزز سعادته، مثل:
أحدث التعليقات