دليل عدم وجوب الصيام على المرأة الحائض في القرآن الكريم والسنة النبوية

إن كتاب الله وسنة نبيه يمثلان المنهج الأساسي الذي يتبعه المسلمون في مختلف جوانب حياتهم. هناك العديد من الأحكام الشرعية الموصوفة في القرآن الكريم، والتي جاءت السنة النبوية لتوضيحها وشرح كيفية تطبيقها. وفي هذا المقال، سنستعرض الأدلة المتعلقة بتحريم صيام الحائض وفقاً لما ورد في القرآن والسنة النبوية.

الأدلة على عدم صيام الحائض من القرآن والسنة

يُعبر بعض المشككين عن آرائهم حول تحريم الصيام على الحائض، معتقدين أن هذا التحريم غير مبرر، وليس هناك نص قرآني واضح يثبت ذلك. إذ يشككون في قول العلماء الذي يُلزم الحائض بالإفطار ولا يجوز لها الصيام، مُشيرين إلى ضرورتها لقضاء الأيام التي أفطرتها.

ولكن الدليل القاطع على عدم صيام الحائض يُستشف من قوله تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ” [البقرة: 222]، حيث يُشیر مصطلح “أذى” هنا إلى ما يسبب للمرأة من تعب أو مرض، وبالتالي يُستحسن عدم الصيام خلال تلك الفترة، مع وجوب قضاء ما أفطرته.

كما يشير قوله تعالى في موضع آخر: “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” [البقرة: 184]، لتأكيد مبدأ الإفطار في حالات خاصة.

وتُظهر السنة النبوية أيضًا حرمة صيام الحائض، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟” فقالت النساء: بلى. فقال: “فذلك من نقصان دينها”. وعَنْ عائشة رضي الله عنها، أنها قد أخبرت: “كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.

استغلال الحائض لشهر رمضان

على الرغم من منع الحائض من أداء بعض العبادات، لا يزال بإمكانها القيام بعدد من الأعمال الأخرى. يُسمح لها بالاستماع لتلاوة القرآن الكريم، وقراءة كتب التفسير التي تحتوي على آيات قرآنية، فضلًا عن الحرص على ترديد أذكار الصباح والمساء، وذكر الله، والإكثار من الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

كما يمكنها القيام بعمل الخير من خلال الصدقات، ومن أعظم الصدقات التي يمكن أن تُقدّم في شهر رمضان هو إفطار الصائم، حيث يُقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقض من أجر الصائم شيئًا”.

وتُعتبر صلة الأرحام من الأعمال المحبوبة لله عز وجل، فضلاً عن تقديم العون للآخرين، والدعاء الذي يُعتبر من أعظم العبادات التي قد يقوم بها المسلم.

أحكام الصيام المتعلقة بالمرأة

هناك بعض الأحكام الخاصة بالصيام تتعلق بالمرأة، منها:

  • الحيض والنفاس: عند حدوث الحيض أو النفاس، يجب على المرأة الإفطار مع قضاء الأيام التي أفطرتها، كما روى ذلك عن عائشة رضي الله عنها بقوله: “كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة”.
  • الحمل والرضاعة: يُسمح للحامل أو المرضع بالإفطار إذا كان الصيام يُشكل عليهما ضغطًا أو خطرًا على صحتهما أو صحة أطفالهما، ويجب عليهما قضاء الأيام التي أفطرتها.
  • تناول الحبوب لرفع دم الحيض: من الممكن أن تتناول المرأة حبوبًا لمنع نزول دم الحيض أثناء رمضان، لكن يجب استشارة الطبيب لتفادي الأضرار المحتملة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، والاحتياط هو أن تفطر.
  • تذوق الطعام أثناء الصيام: يُجوز تذوق الطعام في نهار رمضان بشرط عدم دخول أي منه إلى الجوف، وإذا حدث ذلك فإن الصوم يُفسد ويجب قضاء اليوم.

لم يشرع الله أمرًا إلا وله حكمته العظيمة، فلا يأمر بشيء إلا وفيه مصلحة للعبد، ولا ينهي عن شيء إلا وفيه ضرر له. وقد حرم الله عز وجل الصيام على الحائض رحمة بها ورفقًا بحالتها.

Published
Categorized as إسلاميات