تتضمن قصيدة فتح عمورية للشاعر أبو تمام مجموعة من الصور البلاغية المتميزة، وفيما يلي أهم هذه الصور:
تظهر في القصيدة العديد من الاستعارات، أبرزها:
في هذا التعبير، تم تشبيه السيف بالإنسان الذي يتحدث بالأنباء، حيث تم حذف المشبه به مع الإبقاء على بعض لوازمه، مما يجعله استعارة مكنية.
عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ
هنا، شبه الشاعر الأيام بامرأة خائفة، حيث حُذف المشبه به، ما يجعل هذا التعبير أيضًا استعارة مكنية.
كانَ الخَرابُ لَها أَعدى مِنَ الجَرَبِ
يقارن الشاعر العمورية بالأخت التي ترى دمار أختها، حيث يتم حذف المشبه به وبهذا يتشكل نوع آخر من الاستعارة المكنية.
يشبه الشاعر الأرض بإنسان يرتدي أثوابًا، مع استمرار استخدام بعض اللمسات المجازية، مما يجعلها استعارة مكنية.
وفي هذا المثال، شبه الشاعر الحوادث بكف إنسان، محذوفًا المشبه به، مما يجعل التعبير استعارة مكنية.
تظهر في القصيدة أيضًا مجموعة من المجازيات، ومنها:
هنا، تم استخدام كلمة “أتتهم” لتشير إلى الكربة بمعنى مجازي.
في هذا السياق، تم استخدام “جرى” للإشارة إلى الفأل مجازيًا.
تتضمن القصيدة أيضًا تشبيهات لافتة، مثل:
هنا، يتم تشبيه مخاض السنين بمخاض البخيلة، حاضرًا المشبه والمشبه به، وجزء من وجه الشبه، مما يمنح هذا التعبير بلاغة خاصة.
تشبيه القلة بالأرض المرتفعة، مع حذف وجه الشبه، مما يجعل هذا التشبيه بليغًا.
يَشُلُّهُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ
في هذا التعبير، يُشبه الضحى بظهور لهب النار الذي أجلى ظلام الليل، مما يشكل تشبيهًا بليغًا آخر.
قال أبو تمام:
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في
مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً
بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما
صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ
تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً
لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
عَجائِباً زَعَموا الأَيّامَ مُجفِلَةً
عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ
وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ مُظلِمَةٍ
إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ
وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا مُرَتَّبَةً
ما كانَ مُنقَلِباً أَو غَيرَ مُنقَلِبِ
يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ
ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي قُطُبِ
لَو بَيَّنَت قَطُّ أَمراً قَبلَ مَوقِعِهِ
لَم تُخفِ ما حَلَّ بِالأَوثانِ وَالصُلُبِ
فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ
نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ
فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ
وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ
يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت
مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ الحَلَبِ
أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ
وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ
أُمٌّ لَهُم لَو رَجَوا أَن تُفتَدى جَعَلوا
فِداءَها كُلَّ أُمٍّ مِنهُمُ وَأَبِ
وَبَرزَةِ الوَجهِ قَد أَعيَت رِياضَتُها
كِسرى وَصَدَّت صُدوداً عَن أَبي كَرِبِ
بِكرٌ فَما اِفتَرَعتَها كَفُّ حادِثَةٍ
وَلا تَرَقَّت إِلَيها هِمَّةُ النُوَبِ
مِن عَهدِ إِسكَندَرٍ أَو قَبلَ ذَلِكَ قَد
شابَت نَواصي اللَيالي وَهيَ لَم تَشِبِ
حَتّى إِذا مَخَّضَ اللَهُ السِنينَ لَها
مَخضَ البَخيلَةِ كانَت زُبدَةَ الحِقَبِ
أَتَتهُمُ الكُربَةُ السَوداءُ سادِرَةً
مِنها وَكانَ اِسمُها فَرّاجَةَ الكُرَبِ
جَرى لَها الفَألُ بَرحاً يَومَ أَنقَرَةٍ
إِذ غودِرَت وَحشَةَ الساحاتِ وَالرُحَبِ
لَمّا رَأَت أُختَها بِالأَمسِ قَد خَرِبَت
كانَ الخَرابُ لَها أَعدى مِنَ الجَرَبِ
كَم بَينَ حيطانِها مِن فارِسٍ بَطَلٍ
قاني الذَوائِبِ مِن آني دَمٍ سَرَبِ
بِسُنَّةِ السَيفِ وَالخَطِيِّ مِن دَمِهِ
لا سُنَّةِ الدينِ وَالإِسلامِ مُختَضِبِ
لَقَد تَرَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها
لِلنارِ يَوماً ذَليلَ الصَخرِ وَالخَشَبِ
غادَرتَ فيها بَهيمَ اللَيلِ وَهوَ ضُحىً
يَشُلُّهُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ
حَتّى كَأَنَّ جَلابيبَ الدُجى رَغِبَت
عَن لَونِها وَكَأَنَّ الشَمسَ لَم تَغِبِ
ضَوءٌ مِنَ النارِ وَالظَلماءِ عاكِفَةٌ
وَظُلمَةٌ مِن دُخانٍ في ضُحىً شَحِبِ
فَالشَمسُ طالِعَةٌ مِن ذا وَقَد أَفَلَت
وَالشَمسُ واجِبَةٌ مِن ذا وَلَم تَجِبِ
تَصَرَّحَ الدَهرُ تَصريحَ الغَمامِ لَها
عَن يَومِ هَيجاءَ مِنها طاهِرٍ جُنُبِ
لَم تَطلُعِ الشَمسُ فيهِ يَومَ ذاكَ عَلى
بانٍ بِأَهلٍ وَلَم تَغرُب عَلى عَزَبِ
ما رَبعُ مَيَّةَ مَعموراً يُطيفُ بِهِ
غَيلانُ أَبهى رُبىً مِن رَبعِها الخَرِبِ
وَلا الخُدودُ وَقَد أُدمينَ مِن خَجَلٍ
أَشهى إِلى ناظِري مِن خَدِّها التَرِبِ
سَماجَةً غَنِيَت مِنّا العُيونُ بِها
عَن كُلِّ حُسنٍ بَدا أَو مَنظَرٍ عَجَبِ
وَحُسنُ مُنقَلَبٍ تَبقى عَواقِبُهُ
جاءَت بَشاشَتُهُ مِن سوءِ مُنقَلَبِ
لَو يَعلَمُ الكُفرُ كَم مِن أَعصُرٍ كَمَنَت
لَهُ العَواقِبُ بَينَ السُمرِ وَالقُضُبِ
تَدبيرُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ
لِلَّهِ مُرتَقِبٍ في اللَهِ مُرتَغِبِ
وَمُطعَمِ النَصرِ لَم تَكهَم أَسِنَّتُهُ
يَوماً وَلا حُجِبَت عَن رَوحِ مُحتَجِبِ
لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَض إِلى بَلَدٍ
إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ
لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا
مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ
أحدث التعليقات