دعاء رد الدين عند لطم الخدود يجب علينا ترديده مع الشعور بالندم الشديد حيال هذا الفعل، فهو يُعد ذنب كبير يلزم الاستغفار منه، وقد جاءت الدلائل التي تُشير إلى أنه فعل مُحرم تصل خطورة نتائجه إلى الخروج عن الدين الإسلامي، فهل تلك الخطورة صحيحة؟ هذا ما سنعرفه من خلال موقع سوبر بابا.
هناك العديد من الأفعال المحرمة التي نهانا الله على القيام بها، والتي تتباين عواقبها ما بين الخطيرة والبسيطة، أي هناك أفعال يُمكن التوبة عنها بفعل بسيط ونية صادقة، وأفعال يلزم القيام بأمور مُحددة حتى يغفرها الله لعبده، من بينها اللطم على الخدود، وهو السلوك الذي كان يتبعه أناس في الجاهلية في أوقات كثيرة من حياتهم.
علمًا بأنه عُدّ من الأفعال المحرمة نظرًا لاعتباره من أساليب الاعتراض على قضاء الله وقدره، وهو ما يُدخل المُسلم في منطقة الكُفر بالله، لذا يجب اجتناب القيام به تمامًا، وإن فُعِل دون قصد يلزم ترديد دعاء رد الدين عند لطم الخدود.
لكن نجد أنه لم يوضع دعاء معين لرد الدين بعد اللطم على الخدود، وهو ما يقودنا نحو ترديد أدعية طلب التوبة والمغفرة عن تلك الفعلة، والذي يأتي بأكثر من صيغة، من أبرزها ما يلي:
اقرأ أيضًا: دعاء لقضاء الدين مجرب
إن لطم الوجه من الأفعال المحرمة سواء فعلها المُسلم عند الغضب أو عند المصيبة أو لأي سببٍ آخر، بل إنه فعل حرام يُخرج صاحبه عن الدين الإسلامي، وهو ما يتطلب ترديد دعاء رد الدين عند لطم الخدود.
يُمكن الاستدلال على أن لطم الخدود هو أحد السلوكيات التي شاعت في الجاهلية وعلى عدم جواز قيام المُسلم بها تمامًا من خلال سُنة نبيّنا الكريم، فهو أشار لنا عن الأمر ونُقِلت إشارته في رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ” صحيح البخاري.
على الرغم من الحُجة القوية الواضحة عن عدم جواز لطم الخدود إلا أنه كان هناك بعض العلماء ممن يختلفون في توقيتها، فمنهم من قال إنه فعل مُحرم في كل وقت، ومنهم من قال إن القيام به وقت الصدمة من الأقدار المفجعة سيغفره الله لأن القيام بذلك وقت الفواجع لا يكون بحضور العقل، وإنما يُحاسب عليه المرء إن قام به وعقله حاضرًا.
حيث يوجد الكثيرين ممن يقومون بذلك وعقلهم حاضر، لكنهم يفعلونه لمُجرد إظهار التعبير عن الحُزن، وهو ما يُشير إلى ما كان يحدث في أيام الجاهلية، على فئة الأشخاص التي تفعل ذلك إلى الآن أنهم سينالون العقاب الشديد، خاصةً إذا كانوا عالمين بما جاء في حكم اللطم على الوجه.
اقرأ أيضًا: كيفية دعاء الحاجة
لم يأتينا الله -عز وجل- أو رسوله الكريم بأي دليل يُشير إلى وجود كفارة للطم الخدود، كل ما يكون على المُسلم في هذا الوقت هو ترديد دعاء رد الدين عند لطم الخدود، نظرًا لأنه من الأمور التي تُخرجه عن الدين الإسلامي.
ثم يتبع الدعاء بالاستغفار والتوبة النصوحة والتعهد أمام الله بعدم العودة إلى مثل هذا التصرف أبدًا، مع مراعاة القيام بالعديد من الأعمال الصالحة، والتي تُزيد الحسنات في ميزانه، ومن المعروف أن الحسنات تُذهب السيئات، وبذلك يتقرب إلى الله وفي نفس الوقت يتوب عن فعلته الخاطئة.
اقرأ أيضًا:دعاء لدفع البلاء والمصائب عند أهل البيت
قد يُهيئ الشيطان للمرء المُسلم أن الله لن يقبل توبته بمُجرد ترديد دعاء رد الدين عند لطم الخدود، وأنه قد لا يغفر له فعلته من الأساس، فيسعى جاهدًا أن يهوّل عليه الأمر ويُعظّم عاقبة الفعلة في عقله، إلى أن يتوقف عن ترديد الأدعية ومحاولات طلب المغفرة من الله اعتقادًا منه بأنها غير مُجدية، وهو ما يجب الانتباه إليه جيدًا.
حيث إن الله غفور رحيم بعباده مهما كثُرت ذنوبهم وطالت مُدة ابتعادهم عنه سبحانه وتعالى، لذا حتى ولو كان الإنسان كثير الوقوع في الخطأ عليه ألا يتوقف عن طلب المغفرة من الله عن كل ما قام به من أفعال محرمة، بشرط أن يصدق في توبته ولا يعود إلى ذنبه مرة أخرى.
لذا جدير بالمعرفة أنه يجب على المسلم الرضا بقضاء الله في كل وقت وحين، وأن يصبر على البلاء الذي يصيبه في الحياة الدُنيا، والتيقن من أن الله يقبل توبة عبده عن لطم الخدود مثلما يقبل التوبة عن الكثير من الأمور الأخرى، وقد جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى:
“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ“ الآية 53 من سورة الزمر.
شروط التوبة عن الفعل الحرام
يتلخص مفهوم التوبة في شعور الإنسان بالندم حيال ما ارتكبه من ذنوب وآثام أغضبت الله عليه، مع الإرادة والإصرار على عدم تكرارها مرة أخرى، وحتى يقبل الله توبة عبده عليه أن يستوفي الشروط الموضوعة في ذلك، والتي تتمثل فيما يلي:
شعور المُذنب بالندم البيّن والتيقّن بأنه قد ظلم نفسه عندما ارتكب الذنوب وأغضب الله هو ما يجعل توبته أقرب إلى القبول، فلا يتوجه إلى الله ويسأله الغفران وهو داخله غير مقتنع بحُرمة ما فعله، وجاء في سُنة النبي صلى الله عليه وسلم الدليل على أن الشعور بثقل الذنوب وحجمها والندم عليها من سمات المؤمن، في حديث مرويّ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
“إنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأنَّهُ قاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه، وإنَّ الفاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبابٍ مَرَّ علَى أنْفِهِ فقالَ به هَكَذا، قالَ أبو شِهابٍ: بيَدِهِ فَوْقَ أنْفِهِ. ثُمَّ قالَ: لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ، ومعهُ راحِلَتُهُ، عليها طَعامُهُ وشَرابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ نَوْمَةً، فاسْتَيْقَظَ وقدْ ذَهَبَتْ راحِلَتُهُ، حتَّى إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ والعَطَشُ أوْ ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: أرْجِعُ إلى مَكانِي، فَرَجَعَ فَنامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فإذا راحِلَتُهُ عِنْدَهُ” صحيح البخاري.
عزم المُذنب على عدم العودة إلى طريق الذنوب مرة أخرى مهما كانت الظروف التي قد تدفعه إلى ذلك من أكثر الأمور الضرورية التي يجب وضعها في الاعتبار، حيث إننا كثيرًا ما نتوب عن فعل ثم نرجع إليه مرة أخرى، وهو ما لا يعبر عن التوبة النصوحة، وبذلك تكون فرصة قبولها من قِبل الله تعالى منعدمة.
حتى يقبل الله توبة العبد يجب أن يقوم بها قبل إتيان سكرات الموت إليه، أي قبل خروج روحه منه لحظة الوفاة، فلا يقول إنه تاب وهو يموت، وقد جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى:
“وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا” الآية 18 من سورة النساء.
كذلك يجب أن يتوب العبد ويردد دعاء رد الدين عند لطم الخدود قبل طلوع الشمس من مغربها، وهي العلامة الكُبرى التي تُشير إلى حين فناء الدُنيا وإتيان يوم الحساب، وفي هذا الوقت يكون انتهى كل ما يخص الدُنيا بالفعل، فلا تُقبل توبة مُذنب.
إن كانت توبته متعلقة بفعل ارتكبه ونتج عنه ظلم لعبدٍ من عباد الله، فإن شرط التوبة يتعلق بإرجاع الحق لصاحبه، أي يجب عليه القيام بما في طاقته ليُصلح ما فعله، ومن ثم يتوب إلى الله، فإن ظلم شخص في مال يجب إعادته إليه، وإن كان ظلمه في غيبة أو قذف يطلب العفو والمسامحة منه أولًا.
هناك العديد من التعاليم التي أوضحها لنا الدين الإسلامي، والتي تُعد امتثالًا لأوامر الله مما جاء في كتابه الحكيم، وسُنة نبيه الشريفة، مما يُحتم علينا الالتزام بها.
أحدث التعليقات