لا زال العباد بحاجة إلى ترديد دعاء اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض؛ لطلب الستر والعفو في الدُنيا والآخرة، فالإنسان خُلِق ضعيفًا عجولًا، تستهويه شهوات وملذات الدُنيا، لذا ومن خلال موقع سوبر بابا نستفيض بالحديث عن دُعاء الستر للفوز بالسعادة في الدارين.. الدُنيا والآخرة.
عادةً ما يلجأ الناس إلى الدُعاء بالأدعية المأثورة في السُنة النبوية؛ اعتقادًا أنها أكثر استجابة وتأثيرًا، إلا أن هذا الأمر خاطئ، فالله لا يرد عبد لجأ إليه مُتضرعًا خاشعًا طالبًا للعفو.
يأتي على ذلك دُعاء “اللَّهُمُّ اُسْتُرْنَا فَوْقَ الأرض، وَتَحْتَ الأرض، وَيَوْمَ الْعَرْضِ عَلَيْكَ”، فما صحة الدُعاء؟ في الحقيقة لم يرد في السُنة النبوية مثل تلك الصيغ من الدُعاء لطلب الستر من الله.
إلا أن العُلماء أكدوا صحة الدُعاء؛ لأنه يحوي طلب الستر من رب العزة في كافة الأوقات، وفي كُل مكان.
لا سيّما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد دعا بالستر في صيغة أخرى: “اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا.. ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا“.
وعليه، فما اختلفت صيغ الدُعاء بالستر إلا أن المُراد واحد وفيه طلب الخير، فيُمكن للمُسلم الدُعاء بما شاء بأي صيغة ليست فقط الواردة في السُنة النبوية، فقال تعالى في سورة غافر، الآية: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ..“.
اقرأ أيضًا: دعاء سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين
يأتي الدُعاء لطلب الستر من الله تعالى في الدُنيا والآخرة، ويوم القيامة، ليكون المُراد من كُل واحدٍ على حِدة.
في قوله: “اللَّهُمُّ اُسْتُرْنَا فَوْقَ الأرض“، المقصود منها الدُنيا، أي قبل دخول العبد إلى قبرُه وتلقي الحساب.
فيُستحب أن يطلب المُسلم الستر في الدُنيا من الله عما اقترف من ذنوب، وعليه أيضًا التوبة إلى الله تعالى، وأن يستر هو نفسُه.
كما يُستحب أن يستر المُسلم على أخيه المُسلم ما إن علِم بذنب اقترفه؛ حتى لا تشيع الفاحشة في الأمة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ومَن ستَرَ مُسْلمًا ستَرَه اللهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ“.
أمّا عن الشق الثاني في الدُعاء، فالمقصود من تحت الأرض أي في القبر، عندما يذهب لمُقابله وجه كريم، فعذاب القبر حق على كُل مُسلم ويُستحب أن يطلب الستر والعفو من الله عند وفاته.
بأن يُحسِن خاتمته، وييسر عليه خروج الروح، ويقيه من عذاب القبر، فبطلب الستر يترُك السُمعة الصالحة في دُنياه ليجد من يترحم عليه، ويدعو له، ويصلي عليه.. فلا ينسونه بصالح أعمالهُم.
ذهب الكثير من العُلماء على أن الدُعاء من هذا الشق مُستحب، ومنهم من ذهب لوجوبِه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو من أمر به، لقوله: “إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ مِن أَرْبَعٍ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ”.
يُقصد بيوم العرض هو يوم القيامة، فيُستحب أن يستمر العبد في طلب الستر حتى يوم القيامة.. اليوم المشهود الذي يرى فيه كُل إنسان مثواه من الخير.. هل إلى الجنة؟ أم النار؟
في هذا الدُعاء طلب العبد المؤمن من الله الستر والوقاية من أهوال هذا اليوم، وتيسير حسابه، فيستظل بظله يوم لا ظِل إلا ظلِه، فإن تاب العبد وأناب إليه.. ستره الله دُنيا وآخرة.
اقرأ أيضًا: دعاء نزول المطر والرعد والبرق وشدة الرياح
يلهو المُسلم في الحياة ومتطلباتِها، وينشغل عن أداء العبادات، تدريجيًا يبتعد الوصل بينه وبين الله في نظرِه، فيكون أكثر عُرضة لارتكاب المعاصي.
لكن ما إن عاد إليه وتاب لا بُدّ أن يطلُب الستر في الدُنيا، وعدم مُعاقبته على ما اقترفه في أمور الحياة.. بالتضرُع إليه بالدُعاء.
يوم لا ينفع فيه مالُ ولا بنون، يوم مُقابلة الله تعالى، ليرى ما حمله ميزانِه، ولِمن تُرجح كفتيه، القبر عالم آخر يمُرّ على المتوفى فيه عِدة مراحل، لذا على المُسلم أن يتصف بالستر، فالله يُحب أهل الحياء والستر.. لعلها المُنجية له من العذاب العسير.
اقرأ أيضًا: دعاء سورة الواقعة مكتوبة كاملة
الستر من أعظم نِعم الله على الإنسان، فبه تعلو منزلته، ويشرف قدرُه، فبالستر يُثمر حُسن الظن في نفوس الأحياء، ويُطفئ نار الفساد.
فيترُك المرء سُمعة طيبة ويكون ذا سلوك راق في الحياة لذكرُه بعد مماته، ولا سبيل سوى أن يلجأ العبد إلى ترديد دعاء اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض.. وغيره من أدعية الستر والتوبة.
منّ الله تعالى على العِباد بالتوبة عما اقترفوه من ذنوب في حقهم، وحقوق غيرهِم، ويطلب من العبد العودة له مرة أخرى، ويمنح المؤمن التائب الستر لزيادة العزم على عدم العودة ثانية.
أحدث التعليقات