حياة وعصر الإمام عمر بن الخطاب

تاريخ إسلام عمر بن الخطاب

عُدّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أحد أبرز أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يتميز بالقوة والهيبة. اعتنق الإسلام وهو في السادسة والعشرين من عمره، ويُعتقد أنه كان الشخص الأربعين الذي دخل الإسلام، حيث سبقه تسعة وثلاثون رجلًا. وهناك آراء أخرى تشير إلى أنه كان الخمسين أو حتى السادس والخمسين في الترتيب.

على الرغم من عدم تحديد تاريخ دقيق لدخوله الإسلام، إلا أن كثيرًا من العلماء، مثل ابن إسحاق، ذكروا أنه أسلم بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة. واستنادًا لما ذكره الواقدي، فإن إسلامه وقع في ذو الحجة من السنة السادسة للبعثة. تجدر الإشارة إلى أن عمر بن الخطاب كان من أشد معارضي المسلمين قبل أن يعتنق الإسلام.

الدعاء الذي رفعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان له الأثر الكبير، حيث قال: (اللَّهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذينِ الرَّجُلَيْنِ إليكَ بأبي جَهْلٍ أو بعُمرَ بنِ الخطَّابِ، وكانَ أحبَّهما إليهِ عمرُ). وتحقق بالفعل دخول عمر الإسلام.

قصة إسلام عمر بن الخطاب

إليك تسلسل أحداث قصة إسلام الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-:

عزم عمر بن الخطاب على قتل رسول الله

تآمرت قريش لدعوة قتيلاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقرر عمر، بنفسيته المهيبة، أن يتولى هذه المهمة، متوجهًا بسيفه نحو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يومٍ شديد الحر. فوجد الرسول جالسًا مع أصحابه، ومن بينهم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وحمزة -رضي الله عنهم-، وعدد من الصحابة الذين لم يذهبوا إلى الحبشة.

خلال ذهابه، قابل عمر الصحابي نعيم بن عبد الله النحام، الذي كان قد أسلم، فسأله: “إلى أين تذهب؟”، فأجابه عمر بأنه يريد قتل الرسول لأنه يشتم آلهتهم وينتقص من دينهم. فبدأ نعيم بتحذيره، قائلاً: “لبئس الممشى مشيت يا عمر”، وذكّره بقوة بني عبد مناف وضرورة حفظهم له.

ثم أبلغ نعيم عمر بأن أخته وزوجها وابن عمه قد أسلموا، مما دفعه للتحول من نيته.

موقف عمر بن الخطاب من إسلام أخته

توجه عمر بن الخطاب إلى بيت أخته، فاطمة، غاضبًا، بعدما علم بإسلامها. كان الصحابي خباب بن الأرت يعلمها وزوجها، وعند وصوله، كان خباب يقرأ القرآن من سورة طه، فسمعهم عمر. وعند دخوله الغرفة، اختبأ خباب.

استفسر عمر عن الصوت، وأخبره سعيد أنه مجرد حديث. فتساءل عمر: “لعلكما قد صبوتما”، فرد سعيد قائلًا: “أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟”. انزعج عمر ورفع يده ليضربه، لكنه ضرب أخته فاطمة، التي ردت بغضب: “يا عمر إن كان الحق في غير دينك”. وبعدما يئس من حديثهم، طلب الكتاب الذي كانوا يقرؤون به، وأُخْبِر بأنه يجب أن يتطهر أولاً. وبالفعل، تطهر وبدأ يقرأ.

عندما قرأ عمر الآيات، انبهر بما تذهل به، وعندما خرج خباب، أخبره بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دعا له بالإسلام.

إعلان عمر بن الخطاب إسلامه بين يدي النبي

عندما استشعر عمر عمق الكلمات التي قرأها، استفسر عن مكان الرسول ليعلن إسلامه. قيل له إن الرسول موجود في دار الأرقم بن أبي الأرقم. فتوجه عمر إلى هناك وطرق الباب، مما أدخل الذعر إلى نفوس الصحابة، إلا أن حمزة طمأنهم، قائلاً: “إن يرد الله به خيرًا يُسلم، وإن يُرد غير ذلك يُقتل، وهذا ليس هينًا علينا”.

عندما دخل، أمسك به حمزة وشخص آخر، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بتركه وسأله عن سبب زيارته، فأجابه عمر بأنه يرغب في اعتناق الإسلام. فكبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأدخل الجميع في حالة من الفرح، حيث أدركوا أنهم أصبحوا أقوى مع إسلام حمزة وعمر -رضي الله عنهما-.

أثر إسلام عمر في الدعوة الإسلامية

أدى دخول عمر بن الخطاب إلى الإسلام إلى آثار إيجابية عديدة؛ حيث شعر المسلمون بقوة وعزة، بعد أن كانوا غير قادرين على الصلاة علانية أو الطواف حول الكعبة. عقب إسلام عمر، بدأ الصحابة يؤدون صلواتهم حول البيت الحرام وأخذوا يستعيدون حقوقهم.

كما أعلن عمر إسلامه أمام المشركين، مما أصابهم بالإحباط، وأخبر أبا جهل بذلك من دون أي تردد. وقد أشار ابن مسعود إلى هذا التأثير بقوله: “ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر”. وبالتالي، شهدت الدعوة للإسلام انفتاحًا أكبر وتقدماً ملحوظًا.

Published
Categorized as معلومات عامة