هند بنت عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وتُعرف بكنيتها “أم معاوية” رضي الله عنها، كانت في البداية مُعاديةً للإسلام وللرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، لكنها أسلمت لاحقًا وحسن إسلامها -رضي الله تعالى عنها-. وفيما يلي نستعرض بعض المعلومات عن دخولها في الإسلام.
أسلمت هند بنت عتبة -رضي الله عنها- في سنة الفتح، حيث حضرت إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع مجموعة من النساء للمبايعة، وقامت بتغطية وجهها حتى لا يتعرف عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بسبب فعلتها مع حمزة بن عبد المطلب، إذ كانت تخشى من محاسبته لها على ذلك.
عندما بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بمبايعة النساء، بدت وكأنها تتحدث باسمهن، وعرفها النبي لاحقًا، فقال لها: “أنتِ هند بنت عتبة”، فردت قائلة: “أنا هند بنت عتبة، فارحم ما سبق فالله قد عفا عنك”، فأبدى النبي -صلى الله عليه وسلم- ترحيبًا كبيرًا بها.
رغم أن هند كانت من أشد أعداء النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت سببًا في مقتل عمه، إلا أن رحمة النبي وعفوه كانا أكبر، فلم يعاتبها أو يوجه لها اللوم، مما يعكس صفاته الكريمة -صلى الله عليه وسلم- التي خلت من الكراهية.
ومن المعلوم أن الإسلام يمحو ما قبله، كما ورد في الحديث النبوي الشريف: “الإسلام يجب ما قبله”، ولذلك لم يترك النبي -صلى الله عليه وسلم- مجالًا للمحاسبة على ما فعلته هند في السابق.
حاضرت هند بنت عتبة -رضي الله عنها- في معركة اليرموك برفقة زوجها، حيث أظهرت شجاعة كبيرة وشجعت الآخرين على قتال الروم. وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأكدت أنها كانت قبل إسلامها تتمنى إذلال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأهله، لكن بعد إسلامها أصبح من أعز ما تتمنى هو عزتهم.
وقد ورد في الحديث عنها قولها: “يا رسول الله، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خِباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خِبائك، وما أصبح اليوم أهل خِباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خِبائك”.
وفي أحد مواقفها خلال خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، نَهى عمر أبا سفيان عن رشّ الماء أمام منزله لمنع الانزلاق. لكنه لم يمتثل، وعندما انزلق عمر بسبب ذلك، قال له: “ألم أنهك عن هذا؟”، فرد أبو سفيان بالصمت. ثم قال عمر: “الحمد لله الذي جعلني أرى أبا سفيان بمكة أؤدبه، ولا ينتصر لنفسه”. فسمعت هند هذا الكلام فقالت له: “احمده يا عمر، فإنك إن تحمده فقد أوتيت عظيماً”.
كما شهد لها التاريخ بالصبر والتسليم يوم عمّ الطاعون بلاد الشام، حيث فقدت ابنها يزيد بن أبي سفيان، وكانت صابرةً في مصابها، فقالت: “إنا لله وإنا إليه راجعون”.
تميّزت الصحابية هند بنت عتبة -رضي الله عنها- بجمالها وحكمتها، بالإضافة إلى عقلها وحزمها وعزتها. كما برزت بفصاحة لسانها وبلاغتها، وقدمت مساهمات أدبية في كلا الشعر والنثر.
توجهت هند في أحد الأيام إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتشكو له تصرفات زوجها أبو سفيان، مُعبرة عن عدم كفايته في النفقة، فقالت: “يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي أولادي إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟”. فأجابها النبي -صلى الله عليه وسلم-: “خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي أولادك”.
توفيت الصحابية هند بنت عتبة -رضي الله عنها- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عام أربع عشرة للهجرة، في نفس اليوم الذي وافت فيه المنية والد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو أبو قحافة.
أحدث التعليقات