حوار بين شخصين عن الحياء له دور هام في تغيير الشخصية وترك القبيح من الأعمال والتوجه إلى الصالح وما يُرضي الله عز وجل، فالحياء هو الخُلق الحسن الذي يجب أن تتسم به الأمة الإسلامية رجالًا ونساءً، حيث يوضح موقع سوبر بابا تفاصيل الحياء في حوار بين شخصين.
الحياء هو ما يشير إلى الحشمة والنفور من الوقاحة والتصرف بتبجح في العلن، حيث جاء في مصادر تشريع الدين الإسلامي الحنيف أن الحياء من صفات المُسلمين، وعلى الأمة المُسلمة أن تتسم بها.
فلا يقتصر فقط الحياء على النساء، فهو يدل على الشعور بالانقباض تجاه شيء والعمل على البعد عنه وتركه، وذلك من شيم المسلمين كما أوصاهم المولى -عز وجل- بالنهي عن المُنكر والبعد عن الفواحش.
لذا دار حوار بين إسراء وصديقتها هبة حول الحياء وإبرازه لأنه في فطرة الإنسان، فكل ما علينا أن نجعله رفيق لنا في كل ما يصدر منا من تصرفات.
إسراء: مرحبًا هبة، كيف أخبارك؟
هبة: الحمد لله، أخبريني ماذا تعلمتِ في درسك هذا الأسبوع؟
إسراء: كان الدرس عن الحياء وأنه من الصفات الفطرية في الإنسان، حيث أمرنا الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بالحياء والإعراض عن الأفعال غير المُناسبة، لا بفضل عدم القدرة على القيام بها لكن بسبب الخجل الذي يلجم القلب ويتحكم به، كما أن للحياء صور على العبد معرفتها والالتزام بها.
هبة: الحمد لله على نعمة الإسلام، بالفعل يا صديقتي لم أكن أعلم بوجود صور مختلفة للحياء على العبد الالتزام بها، فكنت أعلم أن هُناك حياء غير محمود.
اقرأ أيضًا: حوار بين طالبتين عن حسن الخلق
فالحياء أن يتبع العبد ما أمر الله به وما نهى عنه، كما ويُبرز ذلك أمام الآخرين، فهذه من صفات الأمة الإسلامية وسبب في استجابة الدعاء وتقبل صالح الأعمال، لذا على العبد ألا يستحي منها.
كما أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك في خطبته، وأكد أن الله -عز وجل- أهلك القوم الذين يستحيون من الشرفاء الخطائين في إقامة المعروف والنهي عن المنكر، فلو ارتكب شخص شريف ذنب تركوه، بينما إن ارتكب الضعيف يقيمون عليه الحد.
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ الله ليسأل العبدَ يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذْ رأيتَ المنكر أن تنكره؟ فإذا لقَّن الله عبدًا حجَّته قال: يا ربِّ! رجوتُك وفَرِقْتُ مِن النَّاس“.
إذا تعلق الحياء بأمر في معرفة أمر ديني وفهمه بدلًا من التصرف بخطأ حتى لو عن غير عمد؛ يكون الحياء مذموم، فعلى العبد أن يدفع الحياء ويبعد عنه طالما يعوقه من فهم أمور دينه.
فورد أن أم سليم -رضي الله عنها-: “جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنَّ الله لا يستحيي مِن الحقِّ، فهل على المرأة مِن غسلٍ إذا احتلمت؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء. فغطَّت أمُّ سلمة -تعني وجهها- وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟! قال: نعم، تَرِبَت يمينك، فيمَ يشبهها ولدها“.
فطلب العلم لا يُناسب من يتكبر عليه ويتصف بالغطرسة، وأيضًا لا يُناسب الحيي الذي يأبى أن يسأل ليعرف المزيد لاسيما إن كان في أمور دينه.
يبقى الحياء في النفس كالدم في الجسم، فالحياء يبث العفاف والورع في النفس، ويجعلها في جنة الحسن.
هبة: لم أكن أعرف أن صفة الحياء لا تُعني الخجل الذي يُنساب الإناث، فهو صفة تُناسب الابتعاد بقوة عن الأفعال المُشينة، لكن هل تشتمل أمثلة الحياء على الرجال؟
إسراء: بالفعل، لكن عزز الله -عز وجل- الحياء في المرأة أكثر منه في الرجل، فالمرأة تتميز بالجمال الذي يفتن من يراه، لذا اختصها الله بإلباسها ثوب الحياء في نفسها وقلبها.
كنّ نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- جميعهنّ أسوة حسنة وخير مثال في الخلق الكريم، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: “كنت أدخل بيتي، الذي دُفِنَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي، فأقول إنَّما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفِنَ عمر معهم، فوالله ما دخلت إلَّا وأنا مَشْدُودَةٌ عليَّ ثيابي؛ حَيَاءً مِن عمر“.
فربط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحياء بشدة الإيمان، حيث روى أبو هريرة -رضي الله عنه- إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا وخيارُكم خيارُكم لأهلِه“.
عن عائشة -رضي الله عنها- قال: “جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخذ عليها ألا يُشْرِكْنَ بالله شيئًا ولا يَزْنِينَ، الآية. قالت: فوضعت يدها على رأسها حَيَاءً، فأَعْجَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها، فقالت عائشة: أَقِرِّي أيَّتها المرأة، فوالله ما بايعنا إلَّا على هذا. قالت: فنعم إذًا. فبايعها بالآية“
حيث كانت الصحابية فاطمة بنت عتبة -رضوان الله عليها- تستحي أن تُكرر الآية أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أمرتها عائشة أن تُكررها لتُبايع رسول الله، كانت في شدة خجلها لما أعجب رسول الله بخلقها.
عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: “كنت رجلًا مذَّاءً فكنت أستحي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد فسأله، فقال: يغسل ذكَرَه ويتوضَّأ”، فبالرغم من أن علي بن أبي طالب رافق النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلته وأول من آمن به من الصبية.
لكنه كان يستحي منه بشدة، حتى كان لا يسأله في أمور لا يعرفها ويطلب من أحد الصحابة السؤال بدلًا عنه.
اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الأخلاق سؤال وجواب
كان أبو بكر -رضي الله عنه- يخطب في الناس يومًا ويقول: “يا معشر المسلمين، استحيوا مِن الله، فو الذي نفسي بيده إنِّي لأظلُّ حين أذهب الغائط في الفضاء متقنِّعًا بثوبي استحياءً مِن ربِّي عزَّ وجلَّ“.
كان من أكثر الناس حياءً حتى قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة كانت تستحي منه، فقالت عائشة رضي الله عنها:
“كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوَّى ثيابه – قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد – فدخل فتحدَّث، فلمَّا خرج، قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك، فقال: ألا أستحي مِن رجل تستحي منه الملائكة“.
كما روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “أشدُّ أُمَّتِي حياءً عُثمانُ بنُ عفَّانَ”.
كانت السيدة مريم شديدة الحياء، فلما نزل عليها جبريل -عليه السلام- وأخبرها أنها سوف تُرزق بولد، قررت أن تبتعد عن قومها إلى أن تضع الولد؛ حتى ألهم الله -عز وجل- سيدنا عيسى أن يتكلم في المهد ليدافع عنها.
اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الأمانة والخيانة قصير
قال تعالى: “فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا“، فكانا من أبرز ما أشار إليهم القرآن الكريم في الحياء، فوصفهما الله -عز وجل- بأنهم يمشون على الأرض باستيحاء، كأن الحياء صفة لم تشهدها الأرض بعد.
هبة: نعم يا صديقتي، فعلينا لنلازم من يتصف بالحياء ويفعل ما يُؤمر به من الله ورسوله، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو القدوة الحسنة التي علينا الاقتداء بها.. علاوةً على الخوف من مُراقبة الله المستمرة لنا وتربية الأبناء على ذلك.
الحياء هو السور الذي ينهى المرء عن الفواحش وحتى صغائر الأمور منها، ومن يتخطى ذلك السور تختل أموره ويقل حياؤه ولا يُناسب ذلك شخصيته المُسلمة.
أحدث التعليقات