ما حكم وصل الشعر في المذاهب الأربعة؟ وهل يختلف الشعر الطبيعي عن غيره في الحكم؟ وهل يجوز لبس الباروكة؟ ظهرت أشكالًا مُختلفة من وصل الشعر، منها ما يُسمى بالباروكة وهي توضع على الرأس، ومنها خُصلات من الشعر توصل بالشعر وصلًا تعرف بالـ “اكستنشن”، نُبين موقف الشرع منها عبر موقع سوبر بابا.
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عن وصل الشعر، إلا أن الفقهاء فصلوا القول في تلك المسألة على أمور عدة، ذلك أن الوصل أنواع قد يكون بشعر آدمي أو غيره.
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة في حكم وصل الشعر بشعر آدمي، فقالوا بأنه يحرم على الرجل والمرأة وصل الشعر بشعر آدمي، واستدلوا على هذا الحكم بالعديد من الأدلة.
فكل تلك الأحاديث تدل دلالة واضحة على تحريم وصل الشعر بشعر آدمي، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لفظ “لعن” واللعن وهو الطرد من رحمة الله لا يكون إلا على أمر محرم.
اقرأ أيضًا: ما هي أنواع العقول في القرآن
فقد اختلف الفقهاء حول تلك المسألة، وذلك بأن يوصله بشعر حيوان أو صوفه ووبره، أو الوصل بخرقة أو خيط من حرير ونحو ذلك، مما ليس بشعر آدمي، فورد في ذلك أقوال عدة.
يجوز وصل الشعر بشعر غير آدمي كالوبر والصوف ونحو ذلك مما ليس بشعر آدمي.
أما علّة الحُكم.. لقول السيدة عائشة رضي الله عنها: “ليست الواصلة بالتي تعنون، ولا بأس أن تعرى المرأة عن الشعر، فتصل قرنًا من قرونها بصوف أسود، وإنما الواصلة التي تكون بغيًا في شبيبتها فإذا أسنت وصلتها بالقيادة”.
قالوا بأنه يحرم الوصل مطلقًا، سواء كان بشعر آدمي أو غير آدمي، وذلك؛ لأنهم أخذوا بعموم النهي الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لعَنَ اللهُ الواصِلةَ والمُستَوصِلةَ، والواشِمةَ والمُستَوشِمةَ”.
فأخذوا بظاهر الحديث.. إذ إنه لم يُفرق عليه الصلاة والسلام بين شعر الآدمي وغيره، لذا وجب التعميم.
ذهبوا إلى تفصيل القول بين النجس والطاهر.
اقرأ أيضًا: حكم السبحة عند المذاهب الأربعة
كثر استخدام النساء لوصلات الشعر على اختلاف أنواعها، وهو ما تعرف بالباروكة أو الشعر المستعار.. وبناءً على أقوال الفقهاء في حكم وصل الشعر، ترتب على ذلك في حكم لبس الباروكة بعض الآراء.
فحاصل كلام الفقهاء.. أنه يحرم على المرأة أن تصل شعرها بالشعر المستعار الذي يُشبه الطبيعي، وضابطه: أن يظن الناظر إليه أنه شعرٌ طبيعي، لما فيه من الغش والخداع.
كما أن الدليل على ذلك قول الله عز وجل في سورة النساء: “لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ… (119)”، ولو لم يكن كذلك فلا بأس.
بعد بيان حكم وصل الشعر في المذاهب الأربعة.. يُمكن القول إنه إذا كان شعر المرأة خفيفًا لدرجة تُعيبه ووصلت شعرها تجملًا لزوجها.. فبعض الفقهاء يقولون بحرمة ذلك، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
فقد جاء في الحديث الذي روته السيدة عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: “امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَذَكَرَتْ ذلكَ له، فَقالَتْ: إنَّ زَوْجَهَا أمَرَنِي أنْ أصِلَ في شَعَرِهَا، فَقالَ: لَا؛ إنَّه قدْ لُعِنَ المُوصِلَاتُ”، فهذا دليل صريح بالتحريم حتى مع إذن الزوج في ذلك.
فقال الإمام النووي رحمه الله: “وهذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل، ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقاً، وهذا هو الظاهر المختار“.
بينما يقول البعض بجواز ذلك ما لم يكن شعرًا لآدمي.. والأولى أن تتجنبها أمنًا لها من الوقوع في شبة التحريم، ولها أن ترجع للطبيب المختص لمعالجة هذا الأمر.
اقرأ أيضًا: حكم التدخين في المذاهب الأربعة
معلوم أن الحكم يكون لعله، فمتى وجدت تلك العلة في غيره من الأمور مما يُستحدث ويُستجد اندرج تحته، ومن ذلك الوصل.. فقد ظهرت أمورًا تُشابهه في الكيفية وتتفق معه في سبب المنع، وهي الرموش الاصطناعية والأظافر.
يعمد المرء إلى تركيب أظافرًا اصطناعية لأمر من إثنين، نبينها استكمالًا للحديث عن حكم وصل الشعر في المذاهب الأربعة.
ذلك بأن تقتلع أظافر الشخص لمرض أو غيره، مما يتوجب عليه تبديلها بالاصطناعية، فلا حرج عليه في ذلك؛ لأجل التداوي.. وإذا تمكن من إزالتها دون عناء فله ذلك عند الوضوء ونحوه، لضمان وصول الماء إلى سائر أجزاء اليد.
أما الدليل على ذلك.. ما رواه عرفجة بن أسعد عن رسول الله حيث قال: “أُصيبَ أنفي يومَ الكِلابِ في الجاهليَّةِ فاتَّخَذتُ أنفًا من ورِقٍ فأنتنَ عليَّ، فأمرَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن أتَّخِذَ أنفًا من ذَهَبٍ“.
فقد بين الفقهاء عدم جواز ذلك، لأنها يتحقق بها تغيير خلقة الله عز وجل، والتي نُهي عنها، إذ إنها نفس علّة النهي الواردة في الوصل، والنمص والوشم.. كما روى عبد الل بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ لعنَ اللهُ الواشماتِ، والمسْتَوْشِماتِ، والنامِصاتِ، والْمُتَنَمِّصاتِ، والْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّراتِ خلْقَ اللهِ.”
إذا كان تركيب الرموس للضرورة أو التداوي، كأن أصيب هدب العين بالحرق مما أدى إلى قبح الصورة وتغير الشكل، ففي تلك الحالة يجوز ذلك، ولا حرج فيه.. أما تركيب الرموش الاصطناعية بهدف الزينة والتجمل، فإنه لا يجوز، ويأخذ حكم الوصل، لاسيما إن كانت دائمة إذ إنه يعد من تغيير الخلقة المنهي عنها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “الرموش الصناعية لا تجوز، لأنها تشبه الوصل، أي وصل شعر الرأس، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة“.
تحرص المرأة دومًا على التزين والتجمل بكل صور الزينة المختلفة.. وهذا لا حرج فيه، بل إنه مما حثّ الإسلام عليه ورغّب فيه.. شريطة ألا يكون بفعل أمر محرم.
أحدث التعليقات