حكم خروج المرأة بدون إذن زوجها مع الدليل يُزيح الستار عن أعين النساء اللاتي يخرجن دون إذن أزواجهن، ويعتقن أنه أمرٌ عادي، ومعلوم أن الله عز وجل لم يشرع لنا أمرًا إلا لحكمة، ولم ينهانا أو يأمرنا بشيء إلا لما فيه صلاح الحال والنفس، لذا فقد فصّل الفقهاء القول في تلك المسألة، مدعمين ذلك بالأدلة، والتي نبينها من خلال موقع سوبر بابا.
لا خلاف بين الفقهاء على أنه يحرُم على المرأة أن تخرج من بيتها بدون إذن زوجها، والدليل على ذلك: ما رواه أبو هريرة عن رسول الله أنه قال: “لا تَمْنَعُوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ، ولَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وهنَّ تَفِلاتٌ“.
كما أنه يُستثنى من هذا الحكم خروجها للضرورة والحاجة، فإذا خرجت المرأة بدون إذن زوجها لقضاء حوائجها المُلحة، وعادت في زمن قصير فلا بأس في ذلك ولا حرج.
إذ إن الزوج يرضى في الغالب لمثل تلك الأسباب، كذلك إذا خرجت لأمر واجب عليها كأن تخرج للحج الواجب عليها أو من أجل زيارة والديها ونحو ذلك من أمور الدين الواجبة عليها.
كما ذكر بعض الفقهاء من الأعذار الشرعية التي تجيز للمرأة أن تخرج من بيتها بغير إذنه أن يكون زوجها ظالمًا لا، ففي تلك الحالة يجوز لها الخروج بغير إذنه.
أما لو خرجت المرأة من بيتها بغير إذن زوجها دون والحاجة أو دون وجود عذر شرعي.. فإنه غير جائز شرعًا، بل تكون بذلك عاصية ويُعد من نشوز المرأة.
اقرأ أيضًا: أسباب عدم التفاهم بين الزوجين
وردت العديد من الأدلة التي تدعم منع المرأة الخروج من بيتها بغير إذا الزوج، والتي بعضها من سنة رسول الله، وكذلك من أقوال الفقهاء.
اقرأ أيضًا: مواصفات الزوجة الصالحة في الاسلام
بناءً على ما ذكره الفقهاء، وما أكد عليه الصحابة والتابعين أن الأصل كون المرأة مأمورة بلزوم البيت، وعدم الخروج منه إلا لحاجة، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: “ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى” (الأحزاب: 33)
معنى الآية: أي أقِمن في بيوتكن، كما أن الله عز وجل أضاف البيوت إلى النساء في العديد من الآيات.
فكل ما ذكر من آيات أُضيف فيها البيوت للنساء مع أنها للأولياء والأزواج، فكان ذلك دليلًا على لزومهن لها.. كذلك ورد قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بَعْلِها وولدِه وهي مسؤولةٌ عنهم“.
فرعايتها لبيتها وأولادها تلزم من بقائها في البيت، فكان ذلك دليلًا على أن الأصل قراراها في بيتها.. بعد بيان الأدلة، يمكن القول إن هذا القرار في البيوت أصبح من الصعوبة بمكان في هذا الزمان.. فما أكثر الحاجة في يومنا هذا!
إذا كانت المرأة معقود عليها ولم يدخل الزوج بها، وكانت لا تزال في بيت أبيها، فإنه لا يحق للزوج أن يمنعها من الخروج، ولو خرجت دون إذنه فلا تأثم.. ذلك لأن أمرها بيد أبيها فإن أذن لها ومنعها الزوج جاز لها الخروج.
إلا أنه لما كان الزواج مبني على الديمومة والسكن والمودة بينهما.. كان لها أن تُعلمه بخروجها وتحترم رأيه، لئلا يؤدي ذلك إلى الخلاف بينهما.
اقرأ أيضًا: حكم المرأة التي تمتنع عن معاشرة زوجها
تبين في حكم خروج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها أنه من نشوز الزوجة، لكن الإسلام قد أخبر الزوج بكيفية التعامل مع نشوز الزوجة بحكمة، وبين له طرق معالجة الأمر بعدة معايير.
لقول الله -عز وجل- في سورة النساء: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)“
كما قال بعض العلماء: “إذا عصت المرأة زوجها ضربها ضرباَ غير مبرح”.
ينبغي العلم أن تلك الأمور على الترتيب، فلا يبدأ بالأقسى ويُضيق عليها، فربما كانت جاهلة، لذا عليه الترتيب في العقوبة.
فقد قال الشيخ الدردير رحمه الله: “والوعظ التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة، واجتناب المنكر، ثم إذا لم يفد الوعظ هجرها أي تجنبها في المضجع، فلا ينام معها في فرش؛ لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة، ثم إذا لم يفد الهجر ضربها أي جاز له ضربها- ضربًا غير مبرح-. وهو الذي لا يكسر عظمًا، ولا يشين جارحة“، فإن لم ينصلح حالها وتكرر منها الأمر وخرجت دون إذنه وساءت أحوالهما فعليه مراعاة بعض المعايير.
فإذا لم يفلح أي من تلك الأمور في صلاح الحال بين الزوجين، واستمر الخلاف وسوء المعاشرة بينهما، جاز الطلاق في تلك الحالة من أجل زوال المفسدة الحاصلة بينهما.
على الرغم من كون الأصل هو لزوم المرأة بيتها.. إلا أننا في زمن أصبح من الضرورة بمكان خروجها وقضائها مصالحها.
أحدث التعليقات