حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله يُستفاد منه الكثير من العبر التي ترسخ في قلوب العباد حب الناس وتقديرهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم حريص دومًا على تعليم أمته كل ما ينفعها، ومن خلال موقع سوبر بابا سنتحدث عن ذلك.
ما رواه سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:“ من لم يشكرِ النَّاسَ لم يشكرِ اللَّهَ“، أما في رواية أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ.” (حديث صحيح)
فهذا الحديث قد رواه أبو هريرة رضي الله عنه في أصح الروايات، وهو من أكثر الرواة حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يحث الحديث على شكر الناس على إحسانهم وتقديرهم، وتخبرنا أن من وجوه شكر الله عز وجل هو شكر الناس.
إن الله عز وجل قد أوجب على عباده شكره، وذلك أن نعم الله عز وجل على العبد كثيرة، ومهما شكر العبد ربه، لا يوفيه حقه في نعمة واحدة، وهو الغني سبحانه، لكنه علمنا أن نشكره، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)”
كذلك النبي صلى الله عليه وسلم خير مُعلم للناس، فقد بين لنا من خلال هذا الحديث أنه لابد للعبد أن يحمد الله ويشكره على كل شيء، وأن من شكر الله عز وجل على العبد أن يشكر الناس إذا أسدوا له معروفًا أو قدموا له أي مساعدة.
يعني ذلك أنه لابد للعبد أن يشكر الناس ويحسن إليهم حتى يذكره الله تعالى، وذلك لأن الأمران متصلان ببعضهما، فإن كان الإنسان من طبعه أن ينسى شكر الناس، وينسى إحسانهم إليه، ومساعدتهم له، فبالتالي لن يشكر الله عز وجل.
يجدر بالذكر أن لشكر الناس لابد من تجديد النية، واعتقادك اعتقادًا جازمًا أن الله عز وجل هو المُنعم المتفضل على عبادة بكل النعم، وإنما العباد أسباب، فعندما تشكر المرء، لا تشكره لأن الإحسان كان منهم، بل لأن الله عز وجل أمر بشكرهم، ولكونهم سببًا، كما أن ذلك يزيد من الألفة والمحبة بين العباد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحثّ على ذلك كثيرًا.
حيث وردت العديد من الأحاديث التي تدل على ذلك والتي منها ما رواه عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ من صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه.” (حديث صحيح)
فالنبي صلى الله عليه وسلم بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، ولذلك نجد أنه دومًا كان حريص على ذلك في أقواله وأفعاله، وهنا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بتقدير من أحسن إلينا، بهدية أو مكافأة، فإن لم يجد العبد أي شيء فليدعوا لمن أحسن إليه واستمروا في الدعاء حتى نتأكد من أننا وفّيناه حقه، وهذا إنما يدل على أهمية شكر الناس.
اقرأ أيضًا: صحة حديث يا معشر النساء تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رأيتكن أكثر أهل النار
هناك العديد من الفوائد والقيم التي يبينها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث.
اقرأ أيضًا: حديث شريف عن العلم
هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن شكر الناس على إحسانهم، وكونه بمثابة شكر لله عز وجل، والتي تؤكد أن ذلك من مكارم الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها العبد المسلم.
فكل هذه الأحاديث حث فيها النبي صلى الله عليه وسلم أمته وأوصاهم بالشكر على معروف الناس، حتى إذا لم يجد المرء شيئًا يشكر به الناس، فإنه يمكنه الدعاء لهم حتى يظن أن دعاءه أوفاه معروفه.
كما توجد الكثير من الأحاديث التي تحث على الإحسان بين الناس، وبيان الثواب العظيم لمن يقدم معروفًا لأي أحد من خلق الله.
بذلك يتبين لنا أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فعلى المسلم دومًا أ يحتاط في هذا الأمر ويعمل بأمر الله عز وجل ورسوله، فإن لنا في رسولنا أُسوة حسنة، وكان عليه الصلاة والسلام خلقه القرآن.
كان ابن القيم رحمه الله يقول: “ فإنَّ الإحْسَان يفرح القلب ويشرح الصَّدر ويجلب النِّعم ويدفع النِّقم، وتركه يوجب الضَّيم والضِّيق، ويمنع وصول النِّعم إليه، فالجبن: ترك الإحْسَان بالبدن، والبخل: ترك الإحْسَان بالمال”.
فقد ورد في القرآن قصة موسى والمرأتان الذي سقا لهما، فعندما ساعدهما كان صنيعهما أن شكراه على إحسانه، وهذا ما أخبرنا به الله عز وجل في سورة القصص فقال تعالى: ” قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا..”
فهذه هي أخلاق الأنبياء، وأخلاق السلف الصالح من بعدهم، والتي يجب أن يقتدي بهم المسلم ويتحلى بخلقهم.
عندما يشكر العبد من أحسن إليه فإن ذلك لا ينقُصه شيء، بل يزيد إيمانه، ويعظم خلقه، ويكون شاكرًا لله في الأصل ووجوه الشكر على المعروف كثيرة.
أحدث التعليقات