تعرف المادة بأنها كل ما يشغل حيزًا ما وتملك كتلة، وتعتبر جوهر الكون القائم، حيث تتكون المادة من الذرات المكونة من ثلاثة أنواع من الجسيمات الأساسية: البروتونات، النيوترونات، والإلكترونات. ترتبط الذرات معًا لتشكيل جزيئات، التي تمثل أساس جميع المواد، وتحتوي الذرات والجزيئات على شكل من أشكال الطاقة الكامنة، وهو الطاقة الكيميائية.
توجد المادة على سطح الأرض ضمن ثلاث حالات رئيسية، تم تحديدها بواسطة الإغريق القدماء بناءً على ملاحظاتهم للماء الذي يمكن أن يتواجد في أي من هذه الحالات الثلاث في ظروف طبيعية. وهذه الحالات هي: الحالة الصلبة، والسائلة، والغازية. وقد أثبت العلم لاحقًا وجود حالة رابعة تدعى الحالة البلازمية، التي تتكون من جسيمات مشحونة تمتلك طاقة حركية عالية جداً. في حين أن تلك الحالة قد لا تكون شائعة على سطح الأرض، إلا أنها تعد الأكثر انتشارًا في الكون، كون النجوم تتكون في أصلها من كرات بلازمية شديدة الحرارة.
تُعرف الحالة الصلبة بأنها واحدة من حالات المادة حيث تكون قوى الجاذبية بين جزيئات المادة أكبر من قوى التنافر. هذا ما يؤدي إلى بقاء الجزيئات ثابتة وقريبة من بعضها. ورغم أن جزيئات المادة الصلبة تتحرك، إلا أنها تظل في حركة مستمرة بسبب الطاقة الاهتزازية التي تمتلكها، والتي تؤدي إلى اهتزاز الجزيئات في موضعها. الجدير بالذكر أن ارتفاع درجة الحرارة في المادة الصلبة يؤدي إلى زيادة الاهتزاز.
تتميز المادة الصلبة بعدد من الخصائص، منها أنها تمتلك شكلًا ثابتًا ومحددًا، فلا يتغير شكلها بتغير شكل الوعاء الذي توضع فيه. الحالة الوحيدة التي قد تؤدي إلى تغيير شكل المادة الصلبة هي عند تعرضها لقوة تكسرها. كذلك، تمتاز المادة الصلبة بكتلة وحجم ثابتين، إلى جانب كثافتها العالية نظرًا لقرب جزيئاتها من بعضها. وتنظم الجزيئات في الكثير من المواد الصلبة ضمن نمط منتظم يشكل شبكة بلورية. ومن أبرز الأمثلة على المواد الصلبة البلورية: ملح الطعام، السكر، والألماس، حيث يمكن أن تمتلك المادة الواحدة أكثر من هيكل بلوري.
تتحول المادة من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة نتيجة لزيادة الطاقة فيها، والتي تكون عادة كمعدل زيادة في درجة الحرارة. وهو ما يؤدي إلى تفكيك الروابط بين جزيئات المادة الصلبة، وبالرغم من أن الجزيئات لا تزال قريبة من بعضها في الحالة السائلة، إلا أن لديها طاقة حركية تمكنها من الابتعاد بعضها عن بعض، مما يزيد من احتمال التصادم. كما تزداد حركة الجزيئات مع ارتفاع درجة حرارة السائل، على الرغم من أن هذه الجزيئات لا تزال مرتبطة بواسطة قوى جزيئية مثل الروابط الهيدروجينية، والتي تؤدي إلى بقاء الجزيئات قريبة نسبيًا، لكنها روابط ضعيفة يمكن تفكيكها بسرعة.
تتميز المادة في الحالة السائلة بعدة خصائص، منها قدرتها على تغيير شكلها وفقًا لشكل الوعاء الموضوعة فيه، مما يعني أنها ذات شكل غير ثابت، لكنها في المقابل تملك حجمًا ثابتًا وغير قابلة للانضغاط بسهولة بفضل قرب جزيئاتها من بعضها.
تتحول المادة إلى الحالة الغازية عندما تزداد الطاقة فيها بشكل يتجاوز قوى الجاذبية بين الجزيئات، مما يؤدي إلى انخفاض تفاعل الجزيئات مع بعضها. في هذه الحالة، تتمتع الجزيئات بحرية الحركة بسرعات عالية في جميع الاتجاهات ولأبعاد كبيرة، وكلما زادت درجة الحرارة زادت الطاقة الحركية للجزيئات.
تتميز الغازات بعدد من الخصائص، منها عدم وجود شكل أو حجم محدد، حيث تتخذ شكل الإناء الذي تحتوي عليه وتتمدد بحسب سعته. أما في حالة عدم حصرها بوعاء معين، فتتباعد جزيئات الغاز وتنتشر بشكل واسع. كما تتميز الغازات بكثافتها المنخفضة بسبب تباعد جزيئاتها، فضلاً عن سهولة انضغاطها بسبب ضعف قوى الترابط بين الجزيئات. يمكن زيادة الضغط على المادة الغازية من خلال تقليل حجم الإناء المحتوي عليها، مما يقلل المسافة بين الجزيئات. ويجدر بالذكر أن الغازات والسوائل تتشابه في كونهما موائع، مما يعني أنها قابلة للجريان والسيلان على سطح ما، حيث تتحرك الجزيئات بشكل عشوائي مستمر وتتفاعل مع بعضها ومع جدران الوعاء.
يوضح الجدول الآتي الفروقات الأساسية بين حالات المادة الثلاث:
الخاصية | الحالة الصلبة | الحالة السائلة | الحالة الغازية |
---|---|---|---|
الشكل | شكل ثابت | شكل متغير | شكل متغير |
الحجم | حجم ثابت | حجم ثابت | حجم متغير |
القابلية للانضغاط | لا يمكن ضغطها بسهولة | لا يمكن ضغطها بسهولة | يمكن ضغطها بسهولة |
الكثافة | كثافة عالية أو مرتفعة جداً | كثافة عالية | كثافة منخفضة جداً |
قوى التجاذب بين الجزيئات | قوية جداً | أقل من القوى بين جزيئات المادة الصلبة، وأكبر من القوى بين جزيئات المادة الغازية | قوى تكاد تكون معدومة |
المسافة بين الجزيئات | لا يوجد مسافة بين الجزيئات | مسافة متوسطة | مسافة كبيرة جداً ومتباعدة |
من الأمثلة المعروفة على المواد الصلبة: الخشب، والمعادن، والحجر. أما الغازات، فمن أبرز أمثلتها الهواء، والأكسجين، والهيليوم، في حين يمثل الماء والزيت أمثلة شائعة للسوائل، كذلك الزئبق الذي يعتبر فريدًا بين السوائل، حيث يوجد في الحالة السائلة عند درجة حرارة الغرفة.
تتميز المادة عمومًا بقدرتها على الانتقال والتغيير من حالة إلى أخرى، قد تنتقل من الحالة السائلة إلى الغازية، أو من الحالة الصلبة إلى السائلة، وما إلى ذلك. على سبيل المثال، يوجد الماء في الحالة السائلة عند الظروف ودرجات الحرارة الطبيعية، لكنه يتحول إلى جليد عندما تنخفض درجة حرارته إلى أقل من 0 درجة مئوية، وعند رفعها إلى 100 درجة مئوية أو أكثر، فإنه ينتقل إلى الحالة الغازية على شكل بخار. يُعتبر تحول المادة بين الحالات الثلاث تغييرًا فيزيائيًا وليس كيميائيًا، إذ يبقى التركيب الكيميائي للمادة ثابتًا. هذا التغيير يحدث نتيجة فقد أو اكتساب المادة للطاقة عند انتقالها من حالة إلى أخرى، ويمكن أن ينجم عن الضغط أو الحركة. فيما يلي جميع العمليات التي قد تمر بها المادة أثناء تحولها بين الحالات الثلاث:
أحدث التعليقات