إخراج زكاة الفِطْر نقداً
تباينت آراء العلماء حول مشروعية إخراج قيمة زكاة الفِطْر نقداً، وتحديداً في ثلاثة أقوال، وفيما يلي توضيحها:
- القول الأول: يجمع غالبية العلماء من المذهب المالكي والشافعي والحنبلي على عدم جواز إخراج زكاة الفِطْر نقداً. وقد استندوا في ذلك إلى ما ورد في السنة النبوية التي تشير إلى أن الواجب في زكاة الفِطْر هو الطعام، وذلك بناءً على فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. كما يتضح في حديث ابن عمر -رضي الله عنه-: (فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ أو صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أن تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه: (كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كانَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ، عن كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ، أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ).
- القول الثاني: أقرّ الحنفية وبعض الأئمة من السلف، مثل سفيان الثوري وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور، بجواز إخراج زكاة الفِطْر نقداً واعتبار ذلك أفضل في حالات الحاجة. واستندوا إلى أن حكمة زكاة الفِطْر تكمن في إغناء الفقراء والمساكين، وقد يتحقق ذلك من خلال المال بشكل أكثر فعالية. كما أن تحديد بعض الأنواع في الحديث الذي استند إليه أصحاب القول الأول هو مجرد مثال، إذ إن هذه الأصناف تمثل أموال القيمة شرعياً، بينما تغيرت طرق المعاملات حالياً إلى استخدام النقود.
- القول الثالث: أشار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى جواز إخراج زكاة الفِطْر نقداً عند الحاجة والمصلحة، مبيّناً أن الأصل في إخراجها هو الإطعام، ولا يُعتبر التحول عن هذا الأصل إلا في حالة الضرورة أو الحاجة، خاصة عند وجود مشقة في إخراج الزكاة بصورة الطعام.
التعريف بزكاة الفِطْر
تُعرَّف زكاة الفِطْر لغوياً وشرعاً كما يلي:
- التعريف اللغوي: تعني الزكاة في اللغة الطهارة، كما تدلّ أيضاً على النمو والبركة.
- التعريف الشرعي: هي ما يُدفع من المال من قبل المسلم بعد انتهاء رمضان، بسبب الفِطْر، وتُعرف أيضاً باسم صدقة الفِطْر. وسُمّيت زكاة لأنها تُسهم في تزكية النفس والطهارة لها، وخصّت بالفِطْر لأنها تجب على المسلم عند انتهاء شهر رمضان.
تتجلى حكمة تشريع زكاة الفِطْر فيما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بقوله: (فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ)، وهذه الحكمة تبرز في تطهير الصائم من المخالفات التي قد تحدث خلال الصيام، مثل اللغو والرَفَث، كما تسهم أيضاً في إغناء الفقراء والمساكين عن السؤال يوم العيد وما قبله.
حُكم زكاة الفِطْر
إن زكاة الفِطْر واجبة على كل مسلم، سواء كان ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، وأشار إلى ذلك ما ورد في صحيح الإمام البخاري عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: (فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ أو صَاعًا مِن شَعِيرٍ على العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ من المُسْلِمِينَ، وأمَرَ بها أن تُؤدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ). ويشترط لوجوبها أن يكون لدى المسلم ما يزيد عن طعامه وطعام مَن يتكفّل بهم.
وقت زكاة الفِطْر
وقت أداء زكاة الفِطْر
تبدأ المدة المحددة لإخراج زكاة الفِطْر من غروب شمس آخر يوم في رمضان، أي ليلة العيد، وتمتد إلى ما قبل صلاة العيد. ولا يُسمح بتأخيرها دون عذر. والمستحب هو إخراجها يوم العيد وقبل الصلاة، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بزَكَاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ). وتجدر الإشارة إلى أنه يُعتبر مُجزئاً إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما ورد عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم-.
وقت وجوب زكاة الفِطْر
تفاوتت آراء العلماء بشأن وقت وجوب زكاة الفِطْر، وقد تم تقسيمها إلى قولين رئيسيين، وهما كما يلي:
- القول الأول: كتب كل من الحنفية والمالكية أن زكاة الفِطْر تُوجب عند طلوع فجر يوم العيد.
- القول الثاني: أشار الشافعية والحنابلة إلى أن وكالتها تجب عند غروب شمس آخر يوم من رمضان.
أحدث التعليقات