تفسير قصيدة من أهم الأعمال الشعرية لنزار قباني

اليوم نقدم لكم تحليلًا مفصلًا لأحدى قصائد الشاعر الكبير نزار قباني، التي حققت شهرة واسعة بفضل عمق مشاعر الشاعر وصدق تعبيراته. سنتناول ملامح حياة نزار قباني، بالإضافة إلى تقديم شرح شامل للقصيدة.

عن الشاعر نزار قباني

نزار قباني هو شاعر معاصر ودبلوماسي، وُلد في أسرة عريقة في دمشق، تتمتع بتراث فني حيث أن جده هو أبو خليل القباني، رائد المسرح العربي. تخرج نزار من كلية الحقوق، مما ساهم في حياته الدبلوماسية. بدأ إصدار دواوينه منذ الأربعينيات، حيث نشر 35 ديوان على مدار نصف قرن.

تتناول قصائده العديد من الأحداث التي عاشها، معبرًا عن حبه لوطنه، حيث كان لكل من بيروت ودمشق مكانة خاصة في شعره. وقد تأثر بقوة بحدث نكسة 1967، حيث كتب قصيدته الشهيرة “هوامش على دفتر النكسة” التي أثارت ضجة في الوطن العربي، مما أدى إلى منع نشر أشعاره عبر منصات التواصل الاجتماعي. وكُني بـ “شاعر الحب والمرأة” لتركزه على تصوير العلاقات الإنسانية والمرأة في شعره.

تحليل قصيدة “القرار” للشاعر نزار قباني

تتناول قصيدة “القرار” مشاعر الحب القوي التي يكنها الشاعر لمحبوبته، وينصحها بأن تقبل حبه لتشاركه حياة غرامية جميلة.

الجزء الأول من القصيدة

لنستعرض الآن مجموعة من الأبيات في بداية قصيدة “القرار”:

إني عشقتك.. واتخذت قراري

فلمن أقدم -يا ترى- أعذاري

لا سلطةً في الحب.. تعلو سلطتي

فالرأي رأيي.. والخيار خياري

هذي أحاسيسي.. فلا تتدخلي

أرجوك، بين البحر والبحار..

ظلي على أرض الحياد.. فإنني

سأزيد إصراراً على إصرار

في هذا المقطع، يعبر الشاعر عن صدق مشاعره تجاه محبوبته، مشيرًا إلى أنه هو من اختار خوض هذا الحب، ولا يشعر بأي ندم. يطلب منها أن تترك له مجال التعبير عن مشاعره بدون تدخل.

الجزء الثاني من القصيدة

يظهر في هذا القسم التفوق والثقة بالنفس، حيث يتفاخر الشاعر بقدراته في التعامل مع العلاقات النسائية:

ماذا أخاف؟ أنا الشرائع كلها

وأنا المحيط.. وأنت من أنهاري

وأنا النساء، جعلتهن خواتماً

بأصابعي.. وكواكباً بمداري

خليك صامتةً.. ولا تتكلمي

فأنا أدير مع النساء حواري

وأنا الذي أعطي مراسيم الهوى

للواقفات أمام باب مزاري

وأنا أرتب دولتي.. وخرائطي

وأنا الذي أختار لون بحاري

وأنا أقرر من سيدخل جنتي

وأنا أقرر من سيدخل ناري

أنا في الهوى متحكمٌ.. متسلطٌ

في كل عشق نكهة استعمار

هذا المقطع يعكس ثقة الشاعر بنفسه، حيث يدعو محبوبته لعدم القلق بشأنه، ويتفاخر بقدرته على جذب النساء والتحكم في علاقاته. يوحي بأن لديه القوة على إدارة مشاعره ومشاعر الآخرين.

الجزء الثالث من القصيدة

نستعرض الآن الجزء الأخير من قصيدة “القرار”:

فاستسلمي لإرادتي ومشيئتي

واستقبلي بطفولةٍ أمطاري..

إن كان عندي ما أقول.. فإنني

سأقوله للواحد القهار…

عيناك وحدهما هما شرعيتي

مراكبي، وصديقتا أسفاري

إن كان لي وطنٌ.. فوجهك موطني

أو كان لي دارٌ.. فحبك داري

من ذا يحاسبني عليك.. وأنت لي

هبة السماء.. ونعمة الأقدار؟

من ذا يحاسبني على ما في دمي

من لؤلؤٍ.. وزمردٍ.. ومحار؟

أيُناقشُون الديك في ألوانه؟

وشقائق النعمان في نوار؟

يا أنت.. يا سلطانتي، ومليكتي

يا كوكبي البحري.. يا عشتاري

إني أحبك.. دون أي تحفظٍ

وأعيش فيك ولادتي.. ودماري

إني اقترفتك.. عامداً متعمداً

إن كنت عاراً.. يا لروعة عاري

ماذا أخاف؟ ومن أخاف؟ أنا الذي

نام الزمان على صدى أوتاري

وأنا مفاتيح القصيدة في يدي

من قبل بشارٍ.. ومن مهيار

وأنا جعلت الشعر خبزاً ساخناً

وجعلته ثمراً على الأشجار

سافرت في بحر النساء.. ولم أزل

-من يومها- مقطوعةً أخباري: -من يومها- مقطوعةً أخباري..

في هذا الجزء، يدعو الشاعر محبوبته للاعتراف بمشاعره، مطالبًا إياها بالاستسلام لإرادته. يجسد حبه بشكل عميق، حيث يشير إلى أن وجهها هو وطنه، مؤكدًا أنه لا يوجد مفر من الحب الذي يشعر به.

بهذا، نكون قد انتهينا من تحليل قصيدة “القرار” التي تعبر عن مشاعر الحب العميقة للشاعر نزار قباني. تعكس القصيدة حالته الوجدانية وعلاقاته السابقة، مما يفسر لقبه كشاعر الحب والمرأة. نتمنى أن يكون هذا الشرح قد أوضح جماليات هذا العمل الأدبي الرائع.

Published
Categorized as روايات عربية