تحقيق رضا الناس في الإسلام

ما حكم من يسعى لإرضاء الناس على حساب سخط الله؟

لقد حذر الله سبحانه وتعالى من يفضل إرضاء الناس على تحقيق رضاه، إذ إن هذا السلوك يعتبر سببًا لهلاك العاصي وخسارته. فعندما يعصي العبد ربه في سبيل إرضاء الآخرين، يتسبب ذلك في ارتكابه ذنوبًا تجعله مستحقًا لعقاب الله في الدنيا والآخرة. وتنقسم المعاصي التي يرتكبها العبد لأجل الناس إلى نوعين رئيسيين:

  • تكون كفرًا، وذلك عندما تتوفر الشروط اللازمة وتنتفي الموانع؛ مثل أن يقوم العبد بأفعال كفرية أو يتلفظ بألفاظ كفرية عن علم وإرادة ودون أي إكراه.
  • تكون المعصية ذنبًا، وليست من أفعال أو أقوال الكفر. ومن أمثلة ذلك شرب الخمر، واستحلال المعازف، والكذب، بالإضافة إلى سماع الأغاني وعدم غض البصر وغيرها من الذنوب التي ترتكب لتلبية رغبات الناس، ناشئة من إرادة العبد الحرة.

رضا الناس يأتي بعد رضا الله تعالى

أورد الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس).

يوضح الحديث أن رضا الله تعالى يجب أن يكون هو الهدف الأول، فالسعي لنيل رضاه هو الطريق الأهم لنيل رضا الناس تلقائيًا. كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا). ومن الجدير بالذكر أن كلمة “ناس” تدل على جماعة معينة، مما يعني أن معنى الآية يشير إلى محبة المؤمنين وأهل الطاعة، وفقًا لتفسير قتادة الذي أكد على أنها ودٌّ في قلوب المؤمنين.

إن السعي لاكتساب رضا الناس على حساب سخط الله يعتبر من صفات المنافقين.

طرق الحصول على رضا الله سبحانه

تتعدد الوسائل التي يمكن للإنسان من خلالها الحصول على رضا الله، وقد أرشدنا إليها النبي -صلى الله عليه وسلم-. فطاعة الله في أوامره واجتناب نواهيه هي من أهم السبل التي تقرب العبد إلى الله وترضي عنه. وفيما يلي بعض من أبرز هذه الطرق:

  • عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك به. كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويسخط لكم ثلاثًا. يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم. ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال).
  • الأسلوب الأمثل لمناصحة ولاة الأمر.
  • حب لقاء الله، حيث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه).
  • شكر الله تعالى في السراء والضراء، كما قال سبحانه: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
Published
Categorized as إسلاميات