تجربتي مع التعلق المرضي حينما تخلصت منه نهائيًا وتخطيت هذه العلاقة السامة بعد فترة من المعاناة وافتقاد السعادة والبهجة في حياتي، فلقد علمت أن لا شيء في هذه الحياة أثمن من نفسك فعليك الحفاظ عليها أما العلاقات فلا ضمان لبقائها أو استقرارها، ومن خلال موقع سوبر بابا اطرح عليكم تجربتي مع التعلق المرضي.
لقد مررت بتجربة التعلق الزائد بشخص والتي جعلتني أشعر بالألم كوني في علاقة سامة، فكنت أشعر بالخوف والتوتر طوال الوقت فكل منا يمر في أثناء حياته بعلاقة تعلق سواء وهو صغير أو في فترة المراهقة أو بعد ذلك.
فهو يرى ذلك الشخص المتعلق به أنه محور الكون ولا يمكن أن يرى نفسه إلا من خلال هذا الشخص، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالتي إلى الأسوأ إلى أن اتخذت قرار التوجه لأحد الأطباء النفسيين، الذي ساعدني على تخطي هذه المرحلة والحفاظ على ما تبقى من نفسي والخروج من هذه العلاقة بأقل الخسائر.
اقرأ أيضًا: كيفية الخروج من علاقة حب فاشلة
من خلال تجربتي مع التعلق المرضي بدأت بالتعرف أنه يوجد لدي مشكلة ما حينما كنت أجلس مع أمي لمشاهدة التلفاز، ووجدت طبيبًا نفسيًا يتحدث عن بعض الأعراض للتعلق المرضي، والتي وجدت جزء كبير منها يتمثل فيما أشعر به.
بعد أن تم تشخيص حالتي بالتعلق المرضي فقد رغبت بالتعرف على الأسباب التي أدت إلى حدوث ذلك، وقد قام الطبيب بتوضيح أن هناك عدة أسباب يمكن أن تؤدي إلى حدوث التعلق المرضي.
إن أول الأسباب التي أوضحها لكم من خلال تجربتي مع التعلق المرضي هي الخلافات الأسرية التي تؤثر على نفسية الطفل بالسلب، فما يراه الطفل من الإهانة والتوبيخ والعنف يترك أثره في نفسيته.
ثم بعد ذلك يصبح المنزل مصدر للإزعاج والقلق النفسي ويبدأ بالبحث عما يجعله يشعر بالأمان والراحة النفسية، فلا يجد إلا الحب هو الذي يمكن أن يخرجه من هذه الحالة.
يمكن أن يكون التعلق المرضي هو نتيجة لبعض الأمراض النفسية الأخرى مثل: النرجسية والشخص الذي لديه مرض الاعتمادية على الطرف الآخر وغير ذلك.
يعد التعرض للمواقف الصعبة التي تترك أثرًا في نفسية وذاكرة الأفراد كالتحرش والاغتصاب، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التعلق المرضي إذ يرون أن هؤلاء الأشخاص يمثلون مصدر الأمان بالنسبة لهم.
يجب التعبير عن المشاعر وعدم كتمانها؛ لأن ذلك يؤثر تأثيرًا كبيرًا على المدى الطويل، فكتمان المشاعر عن الأهل والأصدقاء يجعلك تستغل الفرصة؛ لكي تفضي بها لمن تتعلق بهم بشكل مرضي.
عندما تكون الأسرة مُفككة فإن ذلك ينعكس على مشاعر الطفل ونفسيته، فيجب تربية الأبناء على مراعاة مشاعرهم وأحاسيسهم، بالإضافة إلى تنمية شعور الأمان لديهم حتى لا يشعرون بأي فراغ في داخلهم، ثم بعد ذلك يضطرون إلى ملء ذلك الفراغ من خلال شخص آخر.
إن تعرض الطفل للتجاهل من الأهل منذ الصغر قد يكون سببًا في حدوث التعلق المرضي، لذلك يجب على الأهل أن يشبعوا حاجات أطفالهم ويهتمون بهم حتى لا يتركوا مجالًا لهم؛ لكي يبحثوا عن هذا الأمان من اتجاه آخر.
إن التعرض للألم من خلال علاقات سابقة هو الذي يجعل الشخص يلوم نفسه على فشله دائمًا، وهو الأمر الذي يجعله يتمسك بالطرف الآخر بشدة ويتعلق به بشكل مرضي، ويُمكن أن يفعل أي شيء في سبيل الاحتفاظ به حتى لا يتكرر ألم الخذلان مرة أخرى.
فالكثير يعانون من مشاكل الوحدة بسبب المشاكل الأسرية أو التعرض السابق للهجر وما إلى ذلك، فهؤلاء يرون في شريك حياتهم وسيلة للتخلص من الوحدة والآلام فيتعلقون به عاطفيًا خوفًا من الرجوع إلى الوحدة.
اقرأ أيضًا: سمات التوحد عند الكبار
أثناء حضوري أحد جلسات العلاج الجماعية وجدت أن هناك الكثير من الأشخاص في مثل حالتي أو أسوأ، ولكن لم تقتصر جميع الحالات على التعلق العاطفي بل أيقنت أن هناك الكثير من حالات التعلق المرضي التي تؤدي إلى تدهور حالة صاحبه.
قد وجد الأطباء النفسيين في علم النفس الاجتماعي والمعرفي أن تطور العلاقة العاطفية إلى أن تصل إلى حد التعلق يشبه بدرجة كبيرة تعلق الطفل لمن يقدم له الحنان والاهتمام.
فهذا الشعور بدائي فالطفل لا ينتمي إلا لمن يمنحه العاطفة والحنان والرعاية والأمان فقط، فهل يُمكن أن يرتبط شخص بالغ لأن يصل إلى هذه المرحلة فكم هي علاقة مرضية؟
حتى إذا استمرت هذه العلاقة لبعض الوقت فإنها ستنمو وتنضج بعد ذلك وسيرى أحد الأطراف خطورة الاستمرار في هذه العلاقة، وأنه عليه التخلص منها في أسرع وقت ممكن.
آنذاك لن يقابل الطرف الآخر هذا القرار إلا بنوع من أنواع الصدمة، فكيف يتخلى عنه شريكه بهذه السهولة؟
أما عن التعلق بالأصدقاء فهناك ذكريات معينة أثناء الطفولة في وجود أشخاص معينة وأماكن محددة يمكن أن يظل الفرد متعلقًا بها، إلى أن يكبر ولا يستطيع التخلص من التفكير في الذكريات التي تراوده يوميًا.
بالنسبة للتعلق بالممتلكات فهو يمكن أن يحدث خاصةً في فترات المراهقة، فمثلًا تجد أن شاب يمتلك سيارة ويقوم بتزيينها كما يحب ويرى نفسه من خلالها، حتى إنه يمكن أن يفقد العديد من أصدقائه من أجلها فهو يراها تعبر عنه.
أو اقتناء أحد الفتيات أحدث صيحات الموضة في الملابس أو الأحذية وتتعلق بها لدرجة الهوس فهي تشبع رغبةً ما حين تشعر أن اقتناء هذه الاشياء يعبر عنها وعن شخصيتها وعن ما تفتقد وجوده في حياتها.
أما على الصعيد النفسي فإن التعلق يولد كره للذات وفقدان التعبير عن المشاعر وعدم الشعور بالأمان، إلا في وجود هذا الشخص الذي يمثل الحياة، وغالبًا عندما يصل الأشخاص إلى هذه المرحلة فإنهم يقدمون على مرحلة الانتحار إذا فقدوا هذا الشخص.
بعد أن تأكدت من إصابتي بهذا المرض وصف لي طبيبي الخاص عدة طرق يمكن من خلالها التخلص من هذا المرض، وقد وضح لي أنه حتى يجدي العلاج بالنفع يجب أن ينبع القرار من داخلك، فيجب أن تقر أنك تريد أن تتحرر وتتخلص من قيودك.
إن الإنسان القوي بمقدوره أن يفعل أي شيء، فالضعف هو الهلاك لذلك فإن أول خطوة للتخلص من التعلق المرضي هو يقدر الشخص ذاته ويحترمها، وهذا يقوم بدوره في مواجهة صعوبات الحياة والخوض في التحديات والتغلب عليها.
بعد انتهاء أي علاقة ارتباط أو حب فإن أسوأ ما يتبقى للإنسان ويؤلمه هو وجود الذكريات؛ لذلك يجب التخلص نهائيًا عن أي صور أو فيديوهات تحمل ذكريات له.
يجب أن تتخلص من جميع الأصدقاء المشتركة بينكم حتى لا تسأل عن أخباره وإذا لم تقطع صلتك بهم فلا تسألهم عن حياته، ولا تجعل لهم فرصة للتحدث عنه في أي حال من الأحوال.
إن التعرف على أصدقاء جدد وبناء العديد من العلاقات الاجتماعية يمكنك من التخلص من التفكير في هذا الشخص بمرور الوقت.
إن رؤية هذا الشخص وأنشطته اليومية المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي يجعلك لا تريد أن تنساه، وتجد صعوبة في التخلص من مراقبته؛ لذلك ينصح بعد الانتهاء من العلاقة مباشرةً أن تحذف هذا الشخص من جميع وسائل التواصل الاجتماعي للكف عن مراقبته باستمرار.
بعد الخروج من العلاقة خاصةً علاقات التعلق المرضية يجب ملء الوقت بالكامل لتعويض الفراغ الذي تركه الطرف الآخر، ويمكن أن يحدث ذلك من خلال ممارسة هواية من الهوايات المفضلة أو الخروج مع الأصدقاء.
ذكر نفسك أن هناك العديد من الناس الذين مروا بنفس التجربة واستطاعوا تخطيها بسلام، وتمكنوا من التعرف على أشخاص آخرى والعيش حياة جديدة بدون أي صراعات فهذه ليست نهاية الدنيا بل هي البداية.
ينصح الكثير من أطباء الصحة النفسية بعد الخروج من أي علاقة الالتزام بالصحة الجيدة وتناول الأطعمة الغذائية الصحية.
اقرأ أيضًا: حب المراهقة هل ينسى
إن الأشخاص الذين ينامون فترات طويلة ومتقطعة يجدون صعوبة في التعايش والتأقلم خاصةً بعد فقدان شخص يتعلقون به؛ لذا ينصح الأطباء بانتظام فترات النوم والاتصال بالذات من خلال رؤية السعادة والتفاؤل بداخلك، فبذلك تصبح أنت مصدرها ولا تحتاج لشخص آخر يمنحك هذا الشعور.
من خلال تجربتي مع التعلق المرضي قد توصلت إلى إن التعلق لا يمت للحب بصلة، ولكن الهدف الأساسي منه هو سد خلل يعاني منه الفرد فيشبعه عبر التعلق الزائد.
أحدث التعليقات