يُعتبر عام 1889م علامة فارقة في تاريخ المسلمين في بريطانيا، حيث شهد افتتاح أول مسجد في مدينة ليفربول، الواقعة في شمال غرب إنجلترا. يُعتبر هذا التاريخ بداية التواجد الإسلامي في أوروبا، برغم أن الوجود الإسلامي في الأندلس (إسبانيا) سابقه بحوالي 500 عام.
دخل الإسلام العديد من البلدان بفضل التجارة ودور التجار في نشر قيم التسامح والرفعة التي يحملها الدين. أما في بريطانيا، فقد تم إدخال الإسلام من خلال شخصية محورية، وهو “ويليام هنري كويليام”. زار كويليام المملكة المغربية في القرن الثامن عشر وأُعجب بالمسلمين وخصائصهم التي تتناغم مع فطرته. بعد أن بدأ في دراسة الدين الإسلامي، أسلم وغيّر اسمه إلى “عبد الله كويليام”.
بعد إسلامه، عاد كويليام إلى ليفربول، حيث قضى حياته في دعوة الناس إلى الإسلام حتى وفاته في عام 1922. في تلك الفترة، أسلم حوالي 150 شخصًا من أصل إنجليزي على يديه. قام عبد الله كويليام بشراء مبنى كبير في عام 1886 وحوّله إلى مسجد، كما اشتري عدة مباني أخرى ليخصص أحدها كمستشفى للمرضى المسلمين، وآخر للأعمال الخيرية.
منذ ذلك الحين، شهد الإسلام انتشارًا سريعًا في المنطقة، وبلغ عدد المسلمين في ليفربول نحو 20 ألف مسلم من بين 500 ألف نسمة. على مستوى المملكة المتحدة، ارتفع عدد المسلمين إلى ما يقارب 3 ملايين مسلم في ذلك الوقت. وقد نال عبد الله كويليام شهرة واسعة، حيث أطلق عليه السلطان عبد الحميد الثاني لقب “شيخ الإسلام في بريطانيا”.
شهد الإسلام انتشارًا ملحوظًا في بريطانيا، خصوصًا بين الشباب والنساء، مما ساهم في ارتفاع نسبة المواليد المسلمين. وقد أفادت دراسات مختلفة بأن الإسلام يُعتبر الدين الأسرع نموًا في البلاد، حيث أظهرت بعض الإحصائيات أن واحداً من كل عشرة مواليد في إنجلترا وويلز ينتمي إلى الأسرة المسلمة. أعد مركز “Faith Matters” دراسة تشير إلى وجود نحو 100 ألف معتنق جديد للإسلام بمعدل 5000 شخص سنويًا.
تشير بعض الصحف إلى أن الأعداد الفعلية أكبر من ذلك، حيث يعتنق الإسلام الكثير من الأفراد الذين لا يُعتبرون من مواليد المسلمين، وتظهر الدراسات الإحصائية زيادة عدد معتنقي الإسلام من فئة الشباب بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. تضاف إلى ذلك موجات الهجرة من الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا إلى بريطانيا.
كانت الطائفة اليهودية سابقًا تعتبر أكبر أقلية في بريطانيا، ولكن حالياً أصبح المسلمون هم أكبر أقلية في البلاد، بعد المسيحية. يُشكل نصف عدد المسلمين في البلاد من أصول باكستانية وبنجلاديشية، وكان أول وفد من المسلمين الذين دخلوا بريطانيا قادمًا من اليمن في عام 1899، حيث عملوا على نشر الإسلام بين البريطانيين.
أحدث التعليقات