تتفق آراء المؤرخين على أن سكان العالم العربي اليوم يشتركون في أصول تاريخية تعود إلى منطقة الجزيرة العربية. فقد سكنت هذه المنطقة شعوبٌ تعود إلى العرق المتوسطي، الذي يُعتبر عنصراً أساسياً ضمن العرق القوقازي. وتعرف هذه الشعوب باسم “الساميين”، نسبةً إلى لغاتهم واللهجات السامية التي كانوا يتحدثون بها.
تمتاز هذه الجماعات بمجموعة من الخصائص الجسمانية المشتركة، كلون البشرة القمحي والشعر المموج والطول المتوسط والبنية النحيلة، والرأس المستطيل. بينما عاش جزء منهم في مناطق زراعية خصبة، اضطر آخرون للانتقال من الجزيرة العربية إلى مناطق مجاورة تتوفر فيها موارد مائية وغذائية.
الكنعانيون يُعتبرون من أوائل الشعوب السامية التي عاشت في منطقة الشام، حيث انتقلوا من الجزيرة العربية وأسسوا حضارة في أرض فلسطين، التي عُرفت فيما بعد بكنعان. ومع ذلك، يختلف المؤرخون في تقدير الفترات الزمنية لهجرة الكنعانيين، ويقسمونها إلى ثلاث مجموعات زمنية:
يمكن وصف الكنعانيين بأنهم جماعة ثقافية ناطقة باللغة السامية، وقد استقروا في بلاد الشام (المعروفة بكنعان) منذ الألفية الثانية قبل الميلاد. فقد بدأ هؤلاء في ممارسة نفوذهم في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ونجحوا في السيطرة على أراضيهم. كما ذكر الطبري أن الكنعانيين كانوا أول من ملك الشام قائلاً: “أول مُلكٍ كان للعرب في الشام فيما علمناه للعمالقة”.
عرف الكنعانيون أيضاً باسم “عمالقة” أو “عماليق الشام”، حيث تشير العديد من المصادر إلى أنهم قد تشتتوا عبر مختلف المناطق. يستند الحديث عنهم كمجموعة واحدة إلى جدهم عمليق، الذي هاجر بعض من أحفاده إلى الشام ومناطق أخرى مثل مصر ومكة. كما يشكك المؤرخون في أن الكنعانيين كانوا موحدين سياسياً في مملكة واحدة، حيث تدل الحفريات الأثرية على أنهم وجدوا في عدة مدن وبلدات، وكانوا ينتمون لمجموعات عرقية متعددة.
تفسير وجود الكنعانيين في عدة مدن ودول مجزأة يرجع إلى العديد من الظروف؛ من أبرزها قربهم من الحضارات العظيمة مثل الحضارة المصرية وبلاد ما بين النهرين، بالإضافة إلى وجودهم تحت نفوذ الدولة الحيثية القوية. كل مدينة من مدن الكنعانيين كانت تحت حكم ملك مستقل، مع تباين في قوتها. ومن هذه المدن: طرابلس، جبيل، بيروت، وصيدا.
يُعتقد أن كلمة “كنعان” لها أصل سامي، وقد انقسم الباحثون حول سبب تسميتهم بهذا الاسم إلى أربعة آراء:
يُنظر إلى لغة الكنعانيين على أنها شكل قديم من اللغة العبرية، حيث يعتبر الكنعانيون أول من استخدم الأحرف الأبجدية. في أواخر العصر البرونزي، اكتشف علماء الآثار نصوصاً مكتوبة بالأبجدية اليونانية واللاتينية، إلى جانب الكتابة المسمارية الغربية التي وُجدت في مملكة أوغاريت، كما استخدمت الكتابة المسمارية التقليدية لبلاد الرافدين بشكل منتظم.
تميزت الحضارة الكنعانية بعنايتها الاستثنائية بالفنون والأدب، حيث استلهم الكنعانيون موسيقاهم وفنونهم من شعوب الشرق الأدنى. كانت طقوسهم الدينية تتطلب استخدام الغناء، مما ساهم في انتشار ألحان وأدوات موسيقاهم عبر حوض البحر الأبيض المتوسط. كما برز الكنعانيون في العديد من المهن مثل الزراعة، والصناعة، والتعدين، وصناعة الخزف، والزجاج، والنسيج، فضلاً عن كونهم معروفين بأساليب العمارة المتفوقة.
أحدث التعليقات