لقد تأثر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بشدة نتيجة فقدان أحبته بالموت، ومن أبرز تلك المواقف حزنه على وفاة زوجته السيدة خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبو طالب، اللذان توفيا في العام نفسه، مما أدى إلى تسميته عام الحزن نظراً لما أصاب رسول الله من ألم شديد جراء فقدانهما.
كما شهد النبي -عليه الصلاة والسلام- الحزن العميق عند وفاة ابنه إبراهيم، حيث امتلأ قلبه بالحزن حتى انهمرت دموعه، لكنه صبر وقال: (إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).
في السنة النبوية الشريفة، وردت العديد من الأحاديث حول فضل الصبر عند نزول مصيبة الموت، ومنها ما يلي:
(وقالت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: كما أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْلَفَ اللَّهُ لي خَيْرًا منه، رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ).
الموت هو حق على كل إنسان، وهو سيف مُسلَّط لا ينجو منه أحد. قال -تعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
هذه الحقيقة الموجعة هي أمرٌ لا شك فيه ويشمل جميع الناس، سواء كانوا أنبياء أو غيرهم، فالصالحون والفاسدون، المؤمنون والكافرون جميعهم سيتعرضون لها. قال -تعالى- مخاطبًا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ).
لقد أوكل الله ملك الموت لقبض أرواح البشر عند انتهاء آجالهم، كما قال -تعالى-: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ). ولم يترك الله مكانًا يعصم الإنسان من الموت، حيث قال -تعالى-: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ).
من المؤكد أن فقد الأحباب من الأهل والأبناء والآباء والأمهات والأقارب والأصدقاء يُعد من أعظم المصائب التي يتعرض لها الإنسان. وعليه، يُطلب من المسلم عند وقوع هذه المصائب التحلي بالصبر الجميل، فإن صبره واحتسب ذلك عند الله سيُثاب عليه أجرًا عظيمًا.
لقد أوصى الله -عز وجل- عباده بالصبر في مواجهة المصائب، حيث قال -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)، وأوضح لجمهوره أن له أجرًا عظيمًا عند صبره، كما قال -عز وجل-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).
أحدث التعليقات