تأملات في التفكير اللغوي: العلاقة بين العقل والكلام وأهمية القراءة

التفكير

تعدُّ تعريفات التفكير متنوعة، حيث يعرِّف بعض العلماء التفكير على أنه خبرة الكائن الحي في مواجهة المشكلات التي تصادفه، بينما يُعرفه آخرون بأنه تمثيل الفرد للأحداث والوقائع التي يواجهها في العالم الخارجي. يُمكن استنتاج تعريف مُختصر للتفكير بأنه: سلسلة من النشاطات الذهنية التي تحدث داخل الدماغ عند تعرضه لمحفز يستهدف حاسة واحدة أو أكثر من الحواس الخمس، أي أنها الطريقة التي يتصرف بها الفرد في مواقف معينة.

جدير بالذكر أن التفكير يُعتبر مصدراً لتغيير حياتنا، وله خصائص عديدة مثل الاستمرارية، حيث يستمر الفرد في التفكير حتى يصل إلى مرحلة الاستيعاب، ومن خلالها يخرج بأفكار جديدة يتبادلها مع الآخرين. كما يُعتبر التفكير سلوكاً هادفاً، أي أنه لا يحدث إلا عندما يكون هناك محفز يستدعي فهم معانيه وإنتاج أفكار جديدة، فضلاً عن محاولته حلّ المشكلة من خلال استنتاجات مفيدة. ومن الخصائص الهامة للتفكير أيضاً أنه نشاط تطوري، مما يعني أنه يتطور مع تطور اللغة، والخبرات والبيئة التي يعيش فيها الفرد.

اللغة

كما أن التفكير له عدة تعريفات بين العلماء، فإن اللغة أيضاً تحظى بتعريفات متعددة. يُمكن تعريف اللغة بأنها مجموعة من الرموز التي يكتسبها الفرد من بيئته ويعبر عنها بالكلام. فمن التعريفات الأخرى للغة: وسيلة تعبير الفرد عن أفكاره، ومشاعره، ورغباته من خلال مجموعة من الرموز اللغوية. وقد عرَّفها بعض العلماء بأنها مجموعة من الرموز الصوتية التي تعبر عن استجابة الفرد ومحاولته التكيُّف مع بيئته.

التفكير اللغوي

يتعلق التفكير ارتباطًا وثيقًا باللغة، حيث تعتبر اللغة الوسيلة التي يعتمد عليها الإنسان في التفكير. دون اللغة، يصعب على الإنسان التعبير عن أفكاره، فهي تشكل الأساس لبناء أفكاره. وبالتالي، يُمكن تعريف التفكير اللغوي بأنه: الأنماط الفكرية التي يكتسبها الفرد من البيئة المحيطة به، ويتم التعبير عنها من خلال رموز لغوية تُعرف بالكلام أو اللغة. كما يُمكن اعتباره القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار اللغوية حول معاني الألفاظ ودلالاتها، مما يساهم في تكوين اتصال لغوي فعال، مع العلم أن هذه الأفكار تتميز بالجدية.

أكد علماء النفس أيضًا على العلاقة بين التفكير واللغة، حيث تُعتبر الألفاظ في اللغة رموزاً تحمل معاني ومفاهيم، وتحمل هذه الرموز شحنات نفسية وعاطفية، مما يعكس العلاقة بين اللغة والحالة الداخلية للإنسان. ومن الأدلة الأخرى على هذا الارتباط أن اللغة تُعتبر أداة لنضج التفكير، مما يعني أنها ترتبط بالنشاط العقلي للفرد.

تشمل مهارات التفكير اللغوي عدة جوانب، وهي:

  • مهارة الإدراك المكاني والزماني للتعريفات اللغوية.
  • مهارة التحليل اللغوي.
  • مهارة اتخاذ القرار فيما يتعلق بالمترادفات اللغوية.
  • مهارة قراءة المادة اللغوية وفهمها.
  • مهارة استخدام مهارات البحث اللغوي.

القراءة

يُعرف القراءة بأنها عملية عقلية، انفعالية، دافعية تستند إلى رموز ورسوم يقوم الفرد بتفسيرها بواسطة عينيه، مما يمكنه من فهم معاني هذه الرموز وربطها بخبراته السابقة؛ للوصول إلى استنتاجات لحل المشكلات. وبالتالي، فإن الهدف من القراءة هو الوصول إلى الفهم وفك الرموز، واستيعاب المقصود من الكلمات.

تشمل عملية القراءة تحليل الفرد لما هو مكتوب من خلال عمليات عقلية مثل الفهم والاستيعاب والربط والإدراك والتذكر والتنظيم. لهذا، تعتبر القراءة عملية معقدة وأساسية لاكتساب المعرفة والخبرة الجديدة وتوسيعها، مما يمكّن الفرد من الوصول إلى هدفه في إيجاد حلول لمشكلاته.

أنواع القراءة

تساعد القراءة على تحديد ميول الشخص وتنميتها، وبالتالي تدفعه إلى التأمل والتفكير. تنقسم القراءة إلى عدة أنواع تعتمد على أداء الفرد، وهي:

  • القراءة الصامتة: هي عملية استقبال الرموز المطبوعة وإعطائها معاني معينة وجديدة ضمن حدود الخبرات السابقة للفرد، ومحاولة فهمها دون استخدام أعضاء النطق. يفهم الفرد ما يقرأه عن طريق البصر دون التلفظ بالكلمات، مما يتطلب مهارات خاصة مثل الدقة والاستقلال في فهم الكلمات، وتساعد هذه القراءة على تعزيز القدرات اللغوية للفرد دون إزعاج الآخرين.
  • القراءة الجهرية: تتمثل في نطق الكلمات والجمل بصوت مسموع، وتتميز بمتطلبات معينة مثل النطق الصحيح وتجنب الأخطاء. تعتبر القراءة الجهرية أكثر تعقيداً من القراءة الصامتة، حيث تتطلب قدرة الفرد على ترجمة وفهم الرموز المكتوبة وتحويلها إلى أصوات يمكن سماعها. تمنح القراءة الجهرية الثقة بالنفس وتمكن الفرد من التعبير عن أفكاره وآرائه بحرية.
Published
Categorized as أسرار العقل البشري