تعتبر الغازات الدفيئة السبب الرئيسي لتغير المناخ والاحترار العالمي. إذ تصل أشعة الشمس، التي تتكون من مجموعة من الفوتونات، إلى الأرض من خلال الإشعاع. وعند دخولها الغلاف الجوي، تتفاعل مع الغازات الدفيئة التي تمتص جزءًا من طاقة الفوتونات وتقوم بنقل هذه الطاقة إلى الجزيئات المجاورة عبر التصادمات، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي. بدوره، يشع الغلاف الجوي جزءاً من هذه الطاقة نحو اليابسة والمحيطات مما يسهم أيضًا في ارتفاع درجات حرارتها.
تستقبل الأرض والمحيطات جزءًا من هذه الطاقة، وتعكس ما تبقى منها، إلا أن التركيز المرتفع من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي يتسبب في إعادة امتصاص هذه الطاقة وحجزها، مثلما يحدث في بيت زجاجي. في نهاية المطاف، يؤدي ذلك إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض على المدى الطويل، وهي الظاهرة المعروفة باسم الاحترار العالمي.
يتأثر المناخ بشكل ملحوظ عند زيادة تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض، قد تتغير معدلات وأنماط هطول الأمطار في مناطق مختلفة، مما ينتج عنه العديد من الآثار السلبية المدمرة:
الغازات الدفيئة هي مجموعة من الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للأرض بطبيعتها أو نتيجة للأنشطة البشرية، ويمكن أن تؤدي زيادة تركيزها إلى ظاهرة الاحترار العالمي من خلال تأثير البيت الزجاجي. من أبرز أمثلة هذه الغازات:
مع بداية الثورة الصناعية في أواخر القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، تضاعفت مساهمة النشاطات البشرية في رفع مستويات هذه الغازات في الغلاف الجوي لتصل إلى نسب غير مسبوقة، حيث ارتفعت الانبعاثات الناتجة عن مختلف القطاعات بنسبة 70% بين عامي 1970 و2004. وقد تحولت هذه الغازات من عنصر ضروري للحياة إلى تهديد وجودي قد يؤثر على سلامتنا.
جزء من الغازات الدفيئة يُطلق إلى الغلاف الجوي عبر الظواهر الطبيعية والعمليات الحيوية، أبرزها:
تساهم عملية التبخر في إضافة كميات وفيرة من بخار الماء إلى الغلاف الجوي.
ينتج غاز الميثان من تحلل الكائنات الحية بعد موتها، مما يؤدي إلى زيادة تركيزه في الغلاف الجوي.
تؤدي عمليات التنفس إلى انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يعمل على زيادة تركيزه في الغلاف الجوي.
يبقى الإنسان تحت مصدر الاتهام، حيث ترتبط نسبة كبيرة من الانبعاثات بالنشاطات اليومية، والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياته. نذكر أبرزها:
يعتبر حرق الوقود الأحفوري ومعالجته السبب الرئيسي وراء زيادة تراكيز بعض الغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون، الميثان، وأكسيد النيتروز. حيث يتم حرق كميات هائلة يوميًا لاستخدامها في النقل وطاقة الإنتاج.
تعتبر الأشجار رئة الكوكب؛ فهي تستهلك ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية البناء الضوئي، وقطع كميات كبيرة منه يؤدي إلى تراكم الغاز في الغلاف الجوي وزيادة نسبة الكربون عندما يتم حرق المنتجات الخشبية.
مع زيادة عدد السكان، فقط زاد الطلب على الغذاء، مما أدى إلى توسع الأنشطة الزراعية وتربية الماشية، ونتيجة لذلك فإن هذه الممارسات تسهم في انبعاثات كبيرة من الميثان وأكسيد النيتروز.
يتطلب التخلص من مياه الصرف والنفايات الصلبة معالجة مناسبة؛ لان المعالجة غير الصحيحة تؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من الغازات الدفيئة، كتلك الناتجة عن تحلل النفايات، وثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز الناتجين عن حرق النفايات.
ظهرت حاجة إلى صناعات جديدة تناسب متطلبات العصر، مثل صناعات المواد التبريد والتجميد، كما أن معظم هذه الصناعات ساهمت في إنتاج الغازات المفلورة، مثل مركبات الكلوروفلوروكربونات (CFCs)، التي لا يمكن إنتاجها بشكل طبيعي.
لقد أثارت ظاهرتا تغير المناخ والاحترار العالمي اهتمام الرأي العام ومجتمع العلماء لفترة طويلة. حيث اعتبر البعض أنهما مخاوف مبالغ فيها، وشكك آخرون في مسؤولية الأنشطة البشرية ووجود هذه الظواهر. ومع ذلك، فإن اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 وضعت حدًا لهذا الانقسام، وأدرك الجميع أن تغير المناخ هو واقع نعيشه اليوم، وإذا لم نتخذ إجراءات عاجلة، قد ينتهي بنا المطاف في حالة خطر للغاية لا يمكننا العودة منها، مما يؤدي إلى مستقبل غير مؤكد للجميع.
يعتقد كثير من علماء المناخ أن الطريقة المثلى لتفادي الوصول إلى مرحلة اللاعودة هي تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي من خلال بعض الممارسات البسيطة التي يمكن للجميع اتباعها:
أحدث التعليقات