شهدت نهاية القرن الثامن عشر، تحديدًا عام 1780، بداية الثورة الصناعية التي أحدثت تحولًا جذريًا في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. أدت هذه الثورة إلى تعزيز دور الدولة التي تمتلك مقوماتها، وذلك بفضل الأدوات والتقنيات الجديدة التي ساهمت في تسهيل أساليب العيش وتيسير أداء المهام اليومية للناس.
كان للثورة الصناعية تأثير كبير على التصاميم المعمارية، حيث حلت الآلات محل العديد من الأيدي العاملة، وظهرت مواد جديدة تدخل في تصميم المباني، مما أدى إلى تحول الفن المعماري وظهور أنماط جديدة تختلف تمامًا عن الطرازات التقليدية السابقة.
برزت السمات البسيطة والطابع الرومانتيكي في العمارة بعد الثورة الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر، وخاصة في الدول الأوروبية. وعُزيت هذه التحولات في أسلوب البناء إلى مجموعة من العوامل المرتبطة بالثورة الصناعية، ومن أبرزها:
خلال هذه الفترة، انقسمت اتجهات الفن المعماري إلى اتجاهين رئيسيين يراها الخبراء أحدهما سلبي والآخر إيجابي. يعود هذا الاختلاف إلى تنوع الثقافات والمناطق الجغرافية وميول المهندسين المعماريين في ذلك الوقت، وفيما يلي توضيح لهذين الاتجاهين:
يمثل هذا الاتجاه النسق الكلاسيكي، حيث دعى المهندسون المعماريون إلى إحياء الطراز اليوناني القديم في بناء الكنائس والجامعات مع اعتبار أن هذا النموذج هو الأساس المعماري. كما انحاز الاتجاه إلى المحافظة على الطرازين البيزنطي والفرعوني، واستعملها في تصاميم جديدة. وتميز هذا الاتجاه بالانتقائية، حيث جمع بين أنماط وفنون معمارية متنوعة في المبنى الواحد.
يمثل الاتجاه المعاصر والذي يعد إيجابيًا، إذ كان متماشيًا مع متطلبات العصر الصناعي واحتياجاته. وقد ظهرت في هذا السياق مبانٍ جديدة تلبي احتياجات الثورة الصناعية، مثل محطات السكك الحديدية، المصانع، المستودعات والمنشآت الصناعية. استخدمت في هذه المباني مواد مستحدثة مثل الخرسانة المدعومة والزجاج، مما منحها طابعًا جديدًا يتسم بالبساطة والفاعلية في تلبية الاستخدام.
أحدث التعليقات