تأثير الأمراض النفسية على القرارات الفقهية

تُعد الأمراض النفسية وتأثيرها على الأحكام الفقهية من الموضوعات المهمة، حيث لا يمكن اعتبار الاكتئاب العقلي مرضًا جنونيًا إلا في الحالات المتقدمة التي تتضمن أعراضًا ذهنية مثل الأوهام والهلوسة. سنتناول في هذا المقال تفاصيل أخرى حول الأمراض النفسية وتأثيراتها.

تعريف المرض النفسي

  • وفقًا لمعهد علم النفس الأمريكي، يُعرف المرض النفسي على أنه حالة صحية تتضمن تغييرات في المشاعر أو التفكير أو السلوك.
  • ينتج المرض النفسي غالباً عن ضغوط العمل والمجتمع أو المشكلات في العلاقات الأسرية.
  • يمكن أن يؤدي المرض النفسي إلى بؤس كبير ويتسبب في مشاكل في نمط الحياة.
  • بما في ذلك التحديات في المدرسة، أو العمل، أو العلاقات الشخصية، وعادة ما تخفف الأعراض من خلال مزيج من العلاجات الدوائية الفعالة.

أعراض المرض النفسي

  • تختلف علامات وأعراض الأمراض النفسية تبعًا للاضطراب وشدته وظروفه وعوامل أخرى.
  • تشمل الأعراض تأثيرات على المشاعر والأفكار والسلوكيات، ومنها:
  • الشعور العميق بالحزن أو الإحباط.
  • التفكير الضبابي أو فقدان التركيز.
  • الخوف المفرط أو الشعور بالندم القوي.
  • تغيرات حادة في المزاج بين الارتفاع والانخفاض.
  • الانسحاب الاجتماعي وعدم المشاركة في الأنشطة.
  • الإرهاق الشديد وضعف الدافع وصعوبة النوم.
  • فقدان الاتصال بالواقع، والأوهام، والهلوسة.
  • صعوبة التعامل مع الضغوط اليومية.
  • الشعور بالعزلة عن الآخرين.
  • تعاطي المخدرات أو الكحول.
  • تغيرات ملحوظة في عادات الأكل.
  • انخفاض النشاط العام.
  • الغضب المفرط أو العدوانية.
  • التفكير في الانتحار.
  • العدوانية تجاه الآخرين أو تدمير الممتلكات.

أسباب المرض النفسي

  • تُعزى الأمراض النفسية إلى عوامل وراثية وبيئية متعددة، ومن أبرزها:

1- الوراثة

  • يميل المرض النفسي إلى الانتشار بين الأفراد الذين لديهم أقارب مصابون بأمراض نفسية مماثلة، مما يشير إلى وجود عوامل جينية تزيد من خطر المرض.

2- العوامل البيئية

  • يمكن أن تؤدي الضغوط البيئية، وتعاطي المخدرات، أو تأثيرات الحمل على الأم التي تعاني من مرض نفسي، إلى زيادة احتمالية الإصابة بالمرض النفسي على المدى الطويل.

3- الأمراض الجسمانية

  • يمكن أن تتسبب بعض الأمراض الجسمانية، مثل العجز الجنسي، أو الشلل، أو السرطان بجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الشديد إذا لم يُعالج بشكل جيد.

4- كيمياء الدماغ

  • يُعتبر عدم التوازن في كيمياء الدماغ أحد الأسباب الأساسية للمرض النفسي، ويحدث عندما تتعطل النواقل العصبية المسؤولة عن نقل الرسائل في الدماغ.
  • هذا الخلل يُمكن أن يؤثر سلبًا على الوظائف العقلية المختلفة، مما يؤدي إلى الاكتئاب واضطرابات عقلية أخرى.

5- الضغوط الاجتماعية

  • تشمل الضغوط المستمرة في العمل، والانفصال، أو الطلاق، بالإضافة إلى الأمراض المتعارف عليها اجتماعيًا، مثل الإيدز، والتجارب المؤلمة كالقتال والاغتصاب.
  • إلى جانب الاستهلاك المفرط للكحول والمخدرات، وتاريخ الإساءة في طفولة الشخص.

أنواع الأمراض النفسية وأعراضها

1- الاكتئاب

  • يُعتبر الاكتئاب من أكثر الاضطرابات المزاجية شيوعًا، حيث يتسبب في فقدان المصاب للاهتمام بالأنشطة اليومية ويؤثر سلبًا على تفكيره وعواطفه.
  • تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 12٪ من الناس يعانون من الاكتئاب، والذي يمكن أن يبدأ في أي سن، مع زيادة شدة الاكتئاب في العشرينيات.
  • الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية مزمنة، مثل السكري وأمراض القلب، هم أكثر عرضة لظهور أفكار عن إيذاء الآخرين.
  • لتأكيد تشخيص الاكتئاب، يجب أن يعاني الشخص من خمسة أعراض على الأقل من الأعراض التالية لمدة لا تقل عن أسبوعين.

تشمل الأعراض:

  • مزاج مكتئب في معظم الأوقات.
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة.
  • تغيرات في الشهية والوزن (زيادة أو نقصان).
  • الشعور بعدم القيمة أو الشعور بالذنب المفرط.
  • الأرق أو النوم المفرط.
  • صعوبة التركيز.
  • الإحساس بالتعب والخمول.
  • أفكار انتحارية متكررة.

2- الهوس وأعراضه

  • يتميز الهوس بارتفاع غير طبيعي في المزاج مع زيادة الاهتمام بالأنشطة ذات الأهداف، مما يرافقه زيادة في طاقة الشخص.
  • تستمر هذه الأعراض في الظهور أسبوعيًا حتى يتم تشخيص الهوس.

يتطلب الأمر ظهور ثلاثة إلى أربعة أعراض من الأعراض التالية:

  • الشعور بالعظمة.
  • سرعة التشتت.
  • زيادة النشاطات الاجتماعية أو المهنية أو ذات الطابع الجنسي.
  • قلة الحاجة للنوم.
  • تقلبات سريعة في الأفكار.
  • ثرثرة مفرطة وسريعة.
  • المشاركة في الأنشطة الخطرة التي قد تؤدي إلى نتائج سلبية.
  • اتخاذ قرارات متهورة.

أخطر أنواع الأمراض النفسية

  • الفوبيا.
  • القلق المزمن.
  • الاكتئاب.
  • الوسواس القهري.
  • نوبات الهلع.

الأحكام الفقهية للأمراض النفسية

  • لا يُعتبر الاكتئاب النفسي من الجنون، وبالتالي لا تُطبق عليه الأحكام الشرعية المتعلقة بالجنون، إلا في الحالات الحرجة التي تشمل أعراضًا ذهنية.
  • مثل الأوهام والهلوسة، حيث يظهر التأثير السلبي للمرض على التفكير بشكل واضح.
  • كما يظهر التأثير على التفكير بوضوح، وقد يحدث نوع من الاضطراب العقلي.
  • يشبه ما يحدث في مرض الفصام، مما يفرق بين أحكام الجنون في العبادات والمعاملات والحدود.
  • في حالات الهوس الشديدة حيث تظهر أعراض ذهنية، غالبًا ما يُعتبر الشخص مجنونًا من الناحية الشرعية بسبب الاضطراب العقلي والسلوكي.
  • تُطبق أحكام المرض على الحالة الفعلية للجنون المتقطع الذي يمكن أن يستعيد فيه الشخص وعيه.
  • ينطبق هذا غالبًا على مرض الهوس، حيث تتسم النوبات بالتقطع.
  • بالنسبة للأشخاص المصابين بالخرف بشكل شديد، فإن أعراضهم تشبه الجنون وما يتبع ذلك من اضطرابات نفسية.
  • أما بالنسبة للصرع، فهو يسبب اضطرابًا في الوعي، مما يؤدي إلى رفع الواجب عن المصاب أثناء النوبة، نظرًا لأنه يشبه الإغماء.

حكم استعمال الأدوية النفسية في العلاج

  • يُعتبر حكم استخدام الأدوية النفسية كعلاج مشابه لحكم الأدوية الأخرى، وقد اختلف العلماء حول ذلك، ومع ذلك فإنه من المستحسن أن يُؤخذ في الاعتبار الاستخدام المشروع للأدوية.
  • استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية يعتبر جائزًا شرعًا شرط أن يتم وفقًا لإرشادات المختص.
  • ويُمنع استخدام الموسيقى كجزء من العلاج النفسي، سواء بشكل مستقل أو كمكون في طرق علاجية أخرى، حيث تحظر الآلات الموسيقية في القرآن والسنة.
  • لا يوجد مانع شرعي لاستعمال التنويم المغناطيسي، كما يطبق في الطب النفسي، شريطة أن يكون له فوائد علاجية للمريض.
  • من المهم تغيير مسمى هذا العلاج لأن الاسم السابق يحمل طابعًا توهميًا، فيجب أن يُعرف بـ”اقتراح إيجابي” أو غيره، مع الحرص على تجنُب ما يجب تجنبه في العلاجات الطبية الأخرى.

كيفية التعامل مع المريض النفسي؟

  • تحديد النوع الدقيق للمرض النفسي ومدى تطوره، والتشاور مع طبيب مختص لتحديد حاجة المريض للبقاء في المستشفى من عدمه.
  • توفير الأدوية بشكل منتظم تحت إشراف شخص مختص، مع تأكيد أهمية المتابعة الدورية.
  • يتعين على الأهل التعرف على نوع المرض وأسبابه وأعراضه والعلاجات المتاحة.
  • تقديم تغذية صحية للمريض مع منع تناول الأطعمة الضارة التي قد تؤثر على حالته النفسية أو الجسدية.
  • القيام بمراقبة مستمرة لحالة المريض، حيث قد تتغير الأدوية الموظفة حسب المرحلة العلاجية.
  • تجنب الإفراط في معاقبة المريض بسبب سلوكياته، مع ضرورة معاملته بلطف واحترام، حيث قد يؤدي القسوة إلى آثار سلبية على حالته النفسية وعلاجه.

كيفية علاج المرض النفسي؟

  • العلاج يشمل أساليب متنوعة تهدف لمساعدة الأشخاص المصابين بتقليل تأثيرات المرض والتغلب على صعوباته.
  • يتضمن العلاج النفسي عدة أساليب، بما في ذلك:

1- العلاج السلوكي

  • يتضمن الحديث مع طبيب نفسي متخصص حول مشاعر الشخص وأفكاره وسلوكياته، ومناقشة بدايات المرض والأعراض التي ظهرت.
  • تتضمن هذه المرحلة مناقشة طرق جديدة للتفكير والمساهمة بتغييرات إيجابية في حياته.
  • تتطلب هذه العملية تعديل الأخطاء والمفاهيم الخاطئة السائدة في ذهن المريض.

2- العلاج الدوائي

  • بعض الأفراد بحاجة إلى تناول الأدوية لفترة محددة، في حين قد يستمر البعض الآخر في استخدامها بشكل دائم.
  • يجب على الطبيب توضيح الفوائد والآثار الجانبية المحتملة لكل دواء قبل وصفه.
  • تظهر الأبحاث أن العديد من الأمراض النفسية مرتبطة بتغيرات في كيمياء الدماغ، مما يجعل الأدوية ضرورية لتحقيق التوازن في هذه المواد الكيميائية.

3- العلاج الداعم

  • يسعى العلاج الداعم إلى تهيئة بيئة علاجية تشجع المريض على الالتزام بالعلاج.
  • ومن المهم أن يعيش المريض في مجتمع مماثل يتفاعل فيه مع آخرين يعانون من حالات نفسية مماثلة، مما يساهم في تبادل التجارب والمشاعر.
  • هذا النوع من العلاج يكون ذا أهمية خاصة في حالات الإدمان، حيث يشجع المريض على التعافي.

الوقاية من المرض النفسي

  • لا توجد طريقة مضمونة للوقاية من الأمراض النفسية، ومع ذلك، يمكن اتخاذ خطوات فعالة للحد من التوتر وزيادة المرونة النفسية.
  • يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز الثقة بالنفس، والتقدير الذاتي، والاعتناء بالصحة النفسية.
  • تشمل خطوات الوقاية:

1- رصد علامات التحذير

  • ترسل الأمراض النفسية إشارات تحذير، لذا يجب العمل مع طبيبك لتحديد أي مؤشرات تشير إلى ظهور الأعراض.
  • استشر طبيبك حول الإجراءات اللازمة إذا تكررت الأعراض، وتواصل معه عند ملاحظة أي تغييرات.
  • يُنصح بإشراك أفراد من العائلة أو الأصدقاء في رصد علامات التحذير.

2- سرعة العلاج

  • يجب ألا تتجاهل المواعيد الطبية، حتى إذا كنت لا تشعر بتحسن، لأن إغفال العلاج قد يؤدي إلى تفاقم الحالة.
  • قد يحتاج الشخص إلى رعاية طبية بديلة مرتبطة بأعراض معينة.

3- تناول نظام غذائي صحي

  • الاهتمام بالنوم الكافي والتغذية الصحية والنشاط البدني المنتظم، مع وضع جدول زمني محدد للحفاظ على نمط حياة منتظم.
Published
Categorized as معلومات عامة