تتكون طبقة الأوزون من غاز الأوزون، وهو غاز شديد التفاعل يحتوي على ثلاث ذرات من عنصر الأكسجين. تقع هذه الطبقة في الجزء السفلي من الغلاف الجوي للأرض، وتلعب دورًا حيويًا في حماية كوكبنا من الأشعة فوق البنفسجية الضارة القادمة من الشمس، التي تنقسم إلى ثلاثة أنواع وفقًا لطول الموجة؛ يُشار إليها بـ (UV-A)، و(UV-B)، و(UV-C). ويعتبر النوع (UV-B) هو الأكثر ضررًا بين هذه الأنواع، حيث يقوم بامتصاص 79-99% من الأشعة الضارة التي قد تتسبب في أمراض جلدية ومناعية لملايين الأشخاص.
تسبب زيادة حجم ثقب الأوزون في ارتفاع مستويات الأشعة فوق البنفسجية الضارة على سطح الأرض، مما أثر سلبًا على الكائنات الحية كافة. فهذه الأشعة تتسبب في أنواع متعددة من سرطان الجلد، وإعتام عدسة العين، واضطرابات الجهاز المناعي. كما تسهم الأشعة الضارة في تدمير الأنظمة البيئية البرية والمائية، فضلًا عن تأثيرها السلبي على سلاسل الغذاء في الدورات البيوكيميائية، وبالأخص على الكائنات البحرية التي تعيش بالقرب من سطح الماء، والتي تُعتبر أساسية لهذه السلاسل الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الأشعة بشكل سلبى على دورة نمو النباتات، مما يؤدي إلى تقليل انتشار الغطاء النباتي.
الأشعة فوق البنفسجية، وخاصة النوع (UV-B)، تؤثر بشكل سلبي على جميع أعضاء الجسم ووظائفه الحيوية. يمكن تلخيص آثارها الصحية كما يلي:
تؤثر الأشعة فوق البنفسجية، وخاصة من النوع (UV-B)، بشكل كبير على النباتات، حيث تؤثر بصفة مباشرة على دورة نموها والوظائف الحياتية للنبات، كما تؤثر بصفة غير مباشرة على شكل الخلايا النباتية وتوزيع الغذاء في أجزاء النبات المختلفة، وموسم النمو، ومراحل التطور، وإنتاج المركبات الثانوية. كل ذلك قد يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي وانتشار الأمراض النباتية. وعلى الرغم من وجود محاولات لتطوير تقنيات للتخفيف من هذه التأثيرات الضارة، إلا أنها لا تكفي لحماية النباتات بشكل كامل.
تؤثر الأشعة فوق البنفسجية من نوع (UV-B) على النظام البيئي اللاندسكي، ولكن قد لا تظهر تأثيراتها واضحة لعدة سنوات. وتعتبر البيئات القطبية الأكثر عرضة للأشعة فوق البنفسجية، حيث تؤثر هذه الأشعة بشكل سلبي على الغطاء النباتي وتدمر المادة الوراثية للنباتات. وتؤدي الأشعة إلى زيادة إنتاج المركبات النباتية التي تحمي النباتات من الأشعة الضارة، مثل مركبات الفلافونويد، لكن هذه المركبات تُشكل ضررًا في الوقت نفسه. كما تؤثر الأشعة أيضًا على آليات تكاثر النبات، مثل الإزهار والتلقيح، وإنتاج البذور وحجمها. ومن المظاهر البارزة للتأثيرات الضارة لأشعة (UV-B) على النباتات، ظهور سيقان قصيرة مع وجود عدد كبير من الأغصان، بالإضافة إلى تأثيرها على الكائنات الدقيقة والحشرات الموجودة في قمم الأشجار، ونقص المياه في أجسام بعض الكائنات الحية.
تؤثر الأشعة فوق البنفسجية من نوع (UV-B) على جميع الكائنات البحرية، حيث تُهدد حياة العوالق البحرية النباتية، التي تُعتبر أساس السلاسل الغذائية البحرية. كما تسهم هذه الأشعة في موت البرمائيات والشعاب المرجانية. وتتسبب أيضًا في تقليل كمية الكتلة الحيوية والحد من امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الأشعة على البكتيريا الخضراء المزرقة، المسؤولة عن تثبيت مركبات النيتروجين الضرورية لنمو الكائنات الحية في البيئات البحرية والبرية.
تتعرض المواد المستخدمة في الصناعات المختلفة لجرعات متزايدة من الأشعة فوق البنفسجية، وخاصة من نوع (UV-B)، وذلك بفعل ثقب الأوزون الموجود في طبقة الستراتوسفير التي تحمي الأرض من هذه الأشعة الضارة. ومن أبرز المواد المتضررة البلاستيك بأنواعه، مثل البوليمرات المستخدمة في البناء، حيث تؤدي الأشعة الضارة إلى تسريع تآكلها وتقليل حياتها الإنتاجية، مما يزيد من تكاليف استخدامها.
تمتد تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية من نوع (UV-B) لتشمل الدورات البيوجيوكيميائية في جميع البيئات الحياتية، حيث تؤثر في العمليات الضوئية والتفاعلات الكيميائية الحيوية في الكائنات الحية. ومن أبرز الدورات الحيوية التي تتأثر بهذه الأشعة هي عملية تبادل غازات الدفيئة بين الغلاف الحيوي والغلاف الجوي، والتي ساهمت الأشعة فوق البنفسجية في زيادة نسبتها في الجو، مما يؤدي إلى زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.
تؤثر الأشعة فوق البنفسجية في البيئات البحرية من خلال تأثيرها على سلاسل الغذاء، وامتصاص الكربون وتخزينه، وتقليل نسبة المواد العضوية المذابة في الماء، والتي تحمي البيئة البحرية من هذه الأشعة الضارة. كما تلعب دورًا في إنتاج مركب الإيزوبرين، الذي يُعتبر من المركبات الأساسية لغاز الأوزون في طبقة التروبوسفير. ولدى الأراضي، تؤثر الأشعة أيضًا على قدرة الكائنات الدقيقة في تحليل الغطاء النباتي وتزيد من حرائق الغابات، خاصةً في المناطق الشمالية.
أحدث التعليقات