للتوحيد تأثيرات متعددة في حياة المسلم، من أهمها:
عندما يرتبط قلب الإنسان بالله -تعالى-، تصبح حياته مليئة بالطمأنينة والسكينة، بينما من ينكر الإيمان به يشعر بالضيق والقلق. كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ).
المؤمن الذي يعبد ربه يتحرر من عبودية أي شيء آخر سوى الله -تعالى-، حيث لا ينسب الفضل لأحد غيره. فيتعلق قلبه بربه بشكل وثيق، ولا يسجد إلا لله، معتمدًا عليه في كل شيء، فلا يطلب الرزق إلا منه ولا يخاف إلا منه.
لا يمكن أن يتحقق التوكل في قلب المؤمن ما لم يكن قلبه مخلصًا في توحيد الله -تعالى-؛ فالإيمان بأن الله هو الخالق والرازق الوحيد يرسخ في نفسه عدم الاعتماد على غيره. وعندما يدرك المؤمن أن كل القوى مسخرة بإرادة الله فقط، يصبح توكله مربوطًا بالله وحده وليس بالأسباب.
من فهم حقيقة التوحيد في قلبه يدرك أن الأسباب في كونه ليست سوى وسائل خلقها الله؛ فالرياح والشمس إضافة إلى المطر، كلها تجري بأمر الله -تعالى-. لذا، على المؤمن الاعتماد على خالقه وليس على الأسباب المخلوقة. يقول الله -تعالى-: (قُل لَن يُصيبَنا إِلّا ما كَتَبَ اللَّـهُ لَنا هُوَ مَولانا وَعَلَى اللَّـهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ).
تعزز العقيدة الإسلامية في نفوس المؤمنين أهمية الفخر بخالقهم، فالله -تعالى- منزّه عن صفات البشر، ونبيه هو أفضل الخلق، والقرآن هو معجزة للبشرية. فمن خلال إيمانه بالتوحيد، يدرك المسلم أن الله -تعالى- هو المدبر لكل الأمور، فلا يخشى أحدًا سواه، إذ إن بيده الرزق وخزائنه لا تنفد.
لا يمكن للإنسان أن يكون شجاعًا أو قويًا إذا لم يستند إلى الله -تعالى-. وقد قدم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أمثلة رائعة على شجاعتهم وثباتهم بفضل اعتمادهم على خالقهم. تميزوا بنشر دعوتهم إلى أقصى الأرض رغم ظروفهم الصعبة، وهذا ما جعلنا نفتقر اليوم إلى عزتنا وأوطاننا عندما غابت الشجاعة من قلوبنا. يقول الله -تعالى-: (أَلَيْسَ اللَّـهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
للتوحيد آثار عميقة على مصير الناس في الآخرة، ومنها:
الإيمان الخالص بالله -تعالى- بجميع مظاهره يضمن جزاءً عظيمًا للفرد، إذ يتوج بالإخلاص لله -تعالى- دخول الجنة والنجاة من النار. فالتوحيد يمحو الذنوب، بينما الشرك يُحبط الأعمال الصالحة. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: (وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً).
كما ذكر الشيخ السعدي: “إن الله يدافع عن الموحدين من شرور الدنيا والآخرة، ويمنحهم حياة طيبة وطمأنينة بذكره، وهناك الكثير من الأدلة من القرآن والسنة تؤكد ذلك”. ومن هذه الأدلة قول الله -تعالى-: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ).
الذي يحقق توحيد الله كما أراده، ينال رضاه وتفتح له أبواب الجنة. ولكن لن يحصل على ذلك إلا من خلال إيمان صادق وأعمال صالحة. يقول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ).
التوحيد الخالص والثابت هو طريق المؤمن لدخول الجنة، وقد ينجيه من النار عند تحقق شروط ذلك. يجب على المؤمن أن يكون واعيًا لهذه الحقيقة لكي يحقق ما يصبو إليه من ثواب التوحيد ودخول الجنة، كما ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ).
أحدث التعليقات