وُلد عيسى -عليه السلام- في مدينة بيت لحم الواقعة بالقرب من القدس. وتجدر الإشارة إلى أن الروايات التي تشير إلى أن ولادته كانت في مصر ليست صحيحة. فقد نذرت أم مريم، السيدة مريم، ابنتها لخدمة بيت المقدس، وتولى زكريا -عليه السلام- كفالتها، حيث خصص لها مكاناً في المسجد الأقصى، وتفرغت للعبادة. وقد منحها الله -عز وجل- الكثير من المعجزات، كما بشرتها الملائكة بأنها ستحمل ولداً، مما أثار تعجبها كونها لم تتزوج. وأجابت الملائكة ما جاء في القرآن الكريم: (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا).
تقبلت مريم الأمر من الله -تعالى- وذهبت إلى شرق المسجد الأقصى، حيث جاءها جبريل -عليه السلام- في هيئة إنسان وبشّرها بأنها ستحمل ولداً. فنفخ الملك في فرجها فحملت بعيسى -عليه السلام-. وبعد ذلك ابتعدت عن الناس، وقد فسر ابن عباس -رضي الله عنه- قوله -تعالى-: (فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا) على أنه كانت في أقصى الوادي ببيت لحم، الذي يبعد أربعة أميال عن إيلياء. وقد كان هروب مريم -عليها السلام- إلى هناك خشية من أن تُعيَّر بسبب ولادتها من دون زواج. وعندما وصلت إلى بيت لحم دعت الله بقولها: (يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا) أي أنها تمنت أن لا يعرفها أحد وأن تُنسى بسبب ما حدث لها.
يُعتبر عيسى -عليه السلام- آخر الأنبياء لبني إسرائيل، وقد بعث بعده النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وعيسى -عليه السلام- هو من عائلة عمران ومن نسل داود، لذا حاول بعض اليهود قتله. وقد دعا قومه إلى عبادة الله الذي أرسل موسى -عليه السلام-، وبشرهم بقدوم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. عيسى -عليه السلام- هو أحد الأنبياء الذين صبروا على البلاء حتى نالوا النصر من الله -عز وجل-، وهو نبيٌ ورسول، حيث قال -تعالى-: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ). كان عليه السلام مكلفاً بالطاعة لله -تعالى- ونقل الرسالة التي أُرسل بها، قائلاً -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).
أما نسبه، فهو عيسى ابن مريم بنت عمران، حيث يعود نسبه إلى داود -عليه السلام-. وقد تمنت أمه أن يرزقها الله بولد، فنذرت ما في بطنها لخدمة بيت المقدس. ولدت مريم التي رُزقت بعيسى -عليه السلام-. وقد حباها الله -تعالى- بالكثير من الأخلاق والخصال الحميدة، حيث جاء في القرآن: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ). وقد حفظ الله -تعالى- لمولودها عيسى من مس الشيطان منذ ولادته، وكان معصوماً من كل سوء.
تعددت الآراء بين العلماء حول سبب تسميته بالمسيح، ومنها:
أيد الله -تعالى- نبيه عيسى -عليه السلام- بالعديد من المعجزات، ومنها:
أحدث التعليقات