يعتبر قارون أحد أغنى رجالات قوم النبي موسى -عليه السلام-، وجراء ثروته الهائلة كانت مفاتيح خزائنه تحمل عبئًا كبيرًا على من يحملها. أما المكان الذي عاش فيه قارون المتكبر والذي خسف به هو مصر.
كان قارون من بني إسرائيل الذين عاشوا في مصر قبل خروجهم منها تحت قيادة النبي موسى -عليه السلام-؛ قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ* إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ).
يُعتبر قارون واحدة من الشخصيات المذكورة في القرآن الكريم، والتي تركت أثرًا بالغًا في الذاكرة الشعبية والعقل الجمعي. إذ أصبح يُضرب به المثل في الغنى والثراء؛ فالشخص الذي يمتلك ثروات طائلة يُقال عنه إنه ينعم بأموال قارون.
ووفقًا لما ذكره بعض العلماء، يُعتقد أن قارون بن يصهر بن قاهث هو ابن عم موسى بن عمران بن قاهث، ويرجح أنه كان عمًا لموسى، ولكن القول بأنّه ابن عمه هو الأكثر دقة. وقد كان من بين الذين عبروا البحر مع النبي موسى -عليه السلام- هربًا من فرعون وقومه، لكنه زاغ عن الحق وطغى، مما أدى إلى استحقاقه لعذاب الله تعالى.
بعد أن منح الله قارون النعم والخيرات والكنوز التي لا حصر لها، بدأ يعتز بنفسه ويتعالى على عباد الله، وأول ضحاياه كانوا قومه وبنو جلدته من بني إسرائيل. وقد حاول العقلاء نصيحته للعودة إلى الطريق المستقيم من خلال الإنفاق والادخار لآخرته قبل أن يحل به غضب الله.
لكن قارون لم يستمع إلى نصائحهم، بل تمادى في غروره وتكبره، وتجاهل حقوق الفقراء والمحتاجين الذين لهم حق في ثروته. وزعم أن ثروته جاءت بفضل علمه وقدرته، حيث قال: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي)، فهو بغروره الشديد نسي أن ينسب الفضل في غناه لله تعالى الذي رزقه ومنحه المكانة العالية في الدنيا.
كان قارون يظهر أمام الناس في أبهى زينه، مما جعل قلوبهم تنبض بإعجاب شديد تجاهه، فتمنى الجميع أن يكونوا مكانه. إلا أن ذوي الحكمة من قومه كانوا يحذرون من الفتنة بوجوده وبنعمه، مؤكدين أن هذه الفتنة قد تدمر فطرة الإنسان.
وكان من الأجدر بهم أن يصبروا على ظروفهم مع السعي لتحسينها، دون التفريط في حقوق الله. إن صبر العبد يمكن أن يجلب العون من الله في الدنيا والآخرة ويعلي من شأنه في عليين.
لكن النهاية كانت قاسية لقصة قارون، التي تعكس ما ارتكبه من تجبر وغرور لا يضاهى. فقد انزل الله غضبه عليه، وخلد عقابه في القرآن ليكون عبرة لكل للناس؛ قال الله تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ). وفي لحظة، اختفى كل شيء، حيث خسف الله به وبثروته وكل ما يملك.
أحدث التعليقات