المسؤولية المدنية في إطار القانون المغربي

المفهوم العام للمسؤولية المدنية في المغرب

يتعلق مفهوم المسؤولية بشكل عام بقدرة الفرد على تحمل نتائج أفعاله والتبعات الناجمة عن انتهاكه للالتزامات التي تقع على عاتقه أو على عاتق الأشخاص الذين يشرف عليهم. بمعنى آخر، يمكن اعتبار المسؤولية نتيجة للخروج عن الواجبات المقررة، سواء كان ذلك من خلال الامتناع عن القيام بعمل مفروض أو من خلال التصرف بطرق غير مقبولة. في هذا السياق، تشير المسؤولية إلى الحالة التي يقوم فيها الشخص بارتكاب مخالفة تستحق العقاب، والتي يمكن أن تكون أخلاقية، مما يستدعي جزاءً أدبياً، أو قانونية، مما يستلزم عقوبة قانونية.

عند الحديث عن المسؤولية المدنية تحديداً، نقصد بذلك التفسير القانوني الذي يفرض تعويضا على الفاعل عن الأفعال التي تسببت في ضرر للآخرين. ويترتب على هذا النوع من المسؤولية الزام المخطئ بتعويض المتضرر عن الأضرار التي لحقت به نتيجة للخسائر المادية أو المعنوية التي نتجت عن تلك الأفعال، سواء كانت تلك الأضرار كاملة أو جزئية، أو بسبب احترامات غير مشروطة في إطار الالتزامات التعاقدية.

المسؤولية المدنية في المغرب

تتوزع المسؤولية المدنية إلى نوعين رئيسيين: المسؤولية العقدية، التي تنشأ من خرق التزام تعاقدي، والمسؤولية التقصيرية، التي تتعلق بالأفعال الضارة التي ترتكب خارج إطار العقود. وفي كلتا الحالتين، الشخص الذي يكون ملزماً بتعويض الأضرار يعرف بأنه “المسؤول”.

أول من استخدم مصطلح المسؤولية المدنية

يعود الفضل في تقديم مصطلح المسؤولية إلى الفقيه البلجيكي سانكتيليت الذي كان من أوائل من استخدم هذا المصطلح في بداية القرن الثامن عشر. وقبل ذلك، كانت المصطلحات المستخدمة تشير إلى الأفعال غير المشروعة، بينما استخدم الفقهاء المسلمون مصطلح الضمان ليعبروا عن جميع أنواع المسؤولية، سواء كانت مدنية أو جنائية.

أنواع المسؤولية المدنية في المغرب

المسؤولية العقدية

تتكون أركان المسؤولية العقدية من ثلاثة عناصر رئيسية: العنصر الأول هو وقوع خطأ من المدين، والذي يظهر عادة من خلال عدم تنفيذ الالتزام الناتج عن عقد صحيح. العنصر الثاني يتعلق بالضرر الذي يصيب الدائن نتيجة لهذا الخطأ. وأخيراً، العنصر الثالث هو وجود علاقة سببية واضحة تربط بين الخطأ والضرر الذي لحق بالدائن.

المسؤولية التقصيرية

تقوم المسؤولية التقصيرية على أساس إثبات الخطأ. فإذا تسبب شخص في إلحاق الضرر بآخر، فإنه يتعين عليه تعويض هذا الضرر. لذلك، القاعدة الأساسية تقضي بعدم الضرر بالآخرين، وأي إخلال بهذا المبدأ يعتبر خطأ يلزم الفاعل بتعويض المتضرر عن الأضرار التي لحقت به، سواء كانت متعلقة بجسده أو بممتلكاته.

موقف الفقه من المسؤولية التقصيرية والعقدية

منذ القرن التاسع عشر، اعتبر الفقه أن المسؤولية التقصيرية والعقدية نوعين مختلفين، حيث جاء كل منهما بأحكامه الخاصة. وقد أكد بعض الفقهاء على استخدام مصطلح المسؤولية بشكل حصري لوصف حالات المسؤولية التقصيرية، بينما رفض البعض الآخر تبني مصطلح المسؤولية العقدية، مفضلين استخدام مصطلح الضمان.

موقف القضاء من المسؤولية التقصيرية في المغرب

تم تطبيق أحكام المسؤولية التقصيرية على أخطاء عقدية وأخرى تقصيرية، والعكس صحيح كذلك فيما يخص المسؤولية العقدية، وهو ما تم تأكيده في أحكام صادرة عن محكمة الدار البيضاء.

Published
Categorized as معلومات عامة