اللهم ارحم ضعفي وقلة حيلتي هي صيغة دعاء يُمارسها المُسلمون للاستعانة بالله وقوته وعطفه على عباده، فإن الدعاء هو الرابط الذي يصل بين العبد وربه، ويُعبر عن إيمان المُسلم بأن هناك ربًا قديرًا على كل شيء، لا يُغلق بابه في وجه العبد مهما بلغت ذنوبه، ومن خلال موقع سوبر بابا نوضح لكم أجمل كلمات الأدعية بالخوف من الضعف وقلة الحيلة.
جاء حديثًا مرويًا عن عبد الله بن جعفر يقول: “خرج النبي إلى الطائف ماشيا على قدميه، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يجيبوه، فانصرف، فأتى ظل شجرة، فصلى ركعتين ثم قال:
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أرحم الراحمين، أنت أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدو يتجهمني، أو إلى قريب ملكته أمري، إن لم تكن غضبان عليّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو تحل عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك”.
لكن على كل من يتبع تلك الصيغة في الدعاء المعرفة بأنه حديث ضعيف الإسناد جاء في السلسلة الضعيفة من الأحاديث الضعيفة المرويّة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضًا: دعاء اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض
إن الدعاء هو أمثل سبيل يلجأ إليه المُسلم في كل وقت وحين، خاصةً وقت الشدة الذي يُدرك فيه الإنسان ويتيقن تيقنًا تامًا بأن الله هو الوحيد القويّ القادر على إخراجه مما هو فيه، لكن من المهم الانتباه إلى صيغة الدعاء المُتبع تجنبًا للوقوع في ذنب عدم استيفاء شروط وآداب الدعاء دون الوعي بذلك.
حيث إن صيغة الدعاء “اللهم ارحم ضعفي وقلة حيلتي” قيل إنها منقولة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أوضحنا ضعف إسناد الحديث الدال على ذلك جدير بالذكر أن الأمر لا يرتبط بصحة الحديث أو ثبوته، وإنما هو فقط بيان لمن ينقله ويرويه من أهل العلم، وقِيل لا حرج في دعاء الله تعالى به.
لم يُنقذ الأنبياء من شرور من حولهم من الكافرين والآثمين إلا الدعاء، وهو ما يُشير إلى عظمته وقدسيته، وضرورة استخدامه في المواقف الصعبة التي لا حلّ لها في يد الإنسان.
على أن يكون صادقًا في دعائه، متيقنًا من قدرة الله -عز وجل- في إخراجه مما وقع فيه من ضرر ومخاطر.
اقرأ أيضًا: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد
عندما يتعرض الإنسان إلى الذلّ أو التعب من وراء شخص ذي سُلطة فإنه يُدرك مدى ضعفه وقلة حيلته في أن يقوم بأي تصرف تجاهه، ولا يجد نفسه إلا ذاهبًا لله يستعين به ويطلب منه المساعدة متيقنًا بأنه هو الوحيد القادر على الخسف بكل سُلطان ظالم، آملًا أن يُطمئن الله تعالى خوفه من هذا الشخص.
اقرأ أيضًا: دعاء لكف شر الناس عني
إن استعانة الإنسان بالله عندما يكون ضعيفًا يبدو أمرًا سهلًا، لكنّه في الحقيقة ليس كذلك، حيث يحتاج إلى درجة عالية من الإيمان بالله، وعدم القنوط من رحمته، ولا اليأس من قدرته، فيُصبح الدعاء أمر ثقيل على قلب المُسلم وهو في تلك الحالة، كذلك لا يستطيع الالتزام بممارسة العبادات بسهولة.
ثم مع مرور الوقت تقل قدرته على أداء الواجبات الدينية تمامًا حتى تنقطع، وهو ما يُشير إلى النهاية غير المُستحبة لحياة أي مُسلم يوم الحساب، لذا قبل ترديد دعاء اللهم ارحم ضعفي وقلة حيلتي يجب التعلّم أولًا حول كيفية الإيمان بالله وعدم القنوط من رحمته.
أحيانًا يعتقد الإنسان أن الله لن يستجيب لدعائه أبدًا، نظرًا للمداومة على الدعاء دون الحصول على أي نتيجة، لكنه الأمر لا يسير على هذا النحو، فإن الله هو الأعلم بالخير لعباده، ولا يفعل لهم سواه، فإن علم العبد ماذا كان ليحدث إن استجاب الله تعالى لدعائه لاختار عدم حدوث ذلك والبقاء على نفس الحال الذي هو فيه.
جدير بالمعرفة أيضًا إن الله قد لا يستجيب لدعاء العبد في الحياة الدُنيا لحكمة بالغة، لكنّه في المقابل يدّخر له أجر دعائه لينفعه في الآخرة، يوم لا ينفع الإنسان أي شخص آخر، بل يُحاسب بأعماله، وإن كان مُقصّرًا في شيء يُمكن التغاضي عنه فإن دعاء دُنياه غير المُستجاب سيكون المُنقِذ له، لذا يجب عدم التوقف عن الدعاء أبدًا.
من المهم أن يطلب العبد من ربه بث الطمأنينة والهدوء والسكينة في قلبه، حتى يستطيع الصبر على ما يواجه من ابتلاءات في الحياة الدُنيا، وبالتالي يتأكد الشعور في قلبه بأنه حتمًا سينتهي الكرب ويأتي الفرج، ويصبح صابرًا على طاعة الله ومُقبِلًا عليها بشكل أكبر.
إن الإيمان بالله يزيد في قلب المؤمن كلما عرف المزيد عن الله وصفاته وعظمته سبحانه وتعالى، وهو ما يُمكن القيام به من خلال قراءة الكُتب الموثوقة للتعرف على الله بشكل أعمق، مثل كتاب (الداء والدواء) لابن القيّم، أو كتاب (لأنك الله) للشيخ علي بن جابر الفيفي.
إن عدم إقبال المرء المُسلم على طاعة الله غالبًا ما يأتي بعد ارتكاب المعاصي والذنوب التي تجعله غير راضيًا عن نفسه، حيث تبدأ تلك المعاصي في التأثير على حياته سلبيًا، ومن هنا يبدأ الضنك على الحياة التي يعيشها.
ثم يتبع ذلك أعراض قلة الإيمان في قلبه، وهو تحديدًا ما يجعله غير مُقبِل على طاعة الله واللجوء إليه، لكن على كل مُسلم ومُسلمة العلم بأن الله غفورٌ رحيم، يغفر لعبده ما تيسر من ذنبه إذا رجع إليه تائبًا، طالبًا المغفرة والرحمة وعدم الرجوع إلى الذنب.
إن الاستغفار أفضل وسيلة للحصول على رحمةٍ من الله ومغفرةٍ للذنوب، ومن تاب الله عليه بعد استغفاره فإنه يتمتع متاعًا حسنًا لأجلٍ مسمى، علمًا بأن المداومة على ذِكر الله بشكل عام وقول لا حول ولا قوة إلا الله هي أفضل وسيلة يستعين بها المُسلم ليتغيّر حاله إلى الأفضل، ويؤمن بدعاء اللهم ارحم ضعفي وقلة حيلتي.
في بعض الحالات قد تكون الأمراض الروحية هي السبب في عدم إقبال الإنسان على الطاعات، لذا إن كان الأمر زائدًا عن الحد عليك قراءة الرقية الشرعية، وإن لم يكُن هذا هو السبب فإن تحصين نفسك بالرقية الشرعية هو أمر ضروري.
مهما بلغ الإنسان من قوة ونفوذ وسُلطة فإنه سيظل المخلوق الضعيف الذي يحتاج توفيق الله في كل خطوة يمشيها، فلا يُمكنه أن يقوى على الله الذي منحه كل تلك.
أحدث التعليقات