القضايا الدينية في الشعر خلال فترة الحكم الأموي

القضايا الدينية في الشعر خلال العصر الأموي

تميزت الثقافة العربية بثرائها في الشعر والشعراء، ومع ظهور الدعوة الإسلامية، تم توجيه الشعر وتطويره ليصبح أكثر ملاءمة للقيم الاجتماعية والنفسية. كان لهذا التأثير الكبير أثر واضح في مضمون الشعر خلال العصر الأموي، حيث تضمنت الموضوعات الشعرية العديد من القضايا الدينية. ومن أبرز هذه القضايا ما يلي:

التأثير الإيجابي للإسلام على الشعر الأموي

كان للدين الإسلامي تأثيرٌ كبير وإيجابي على موضوعات الشعر في العصر الأموي. من أهم هذه التأثيرات، إلغاء بعض الأغراض الشعرية التي تتعارض مع القيم الإسلامية، مثل القصائد التي تمجد الخمر وتصف مجالسها بطريقة جذابة، وكذلك تلك التي تتناول المرأة بأسلوب فاحش بعيد عن الأخلاق. كما تم إلغاء الأغراض الشعرية المتعلقة بالهجاء الذي كان يهدف إلى زرع الفتن والنزاعات بين القبائل.

وقد تم أيضاً التخلي عن مدح الأشخاص بشكل كاذب، والذي كان يهدف إلى تحقيق مكاسب شخصية، وهو ما يُظهر تطور الشعر من بدايات العهد الأموي، الذي أعقب الخلافة الراشدة، إلى أوضاع شهدت عودة بعض المظاهر الجاهلية.

تأثير القرآن الكريم والحديث النبوي على الشعر الأموي

يُعد القرآن الكريم بمثابة الدستور والشريعة للأمة وهو أيضاً أصل البلاغة العربية. اعتمد الشعراء الأمويون على مصادر الإسلام الأساسية المتمثلة في القرآن والحديث الشريف، حيث كانت الآيات القرآنية تُظهر بلاغتها وتحديها للفصحاء العرب، الذين عجزوا عن الإتيان بمثلها.

مع نزول القرآن على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في فترة كانت الشعر تحتل مكانة مرموقة بين العرب، وخاصة قريش، بدأ المسلمون يتدارسون القرآن واهتم الشعراء بكتاباته. وقد استمر ذلك حتى العصر الأموي، حيث استلهم الشعراء ألفاظ القرآن في أشعارهم، مما يعكس التفاعل البلاغي. كما لعب الحديث النبوي دوراً مهماً في تشكيل ثقافة الشعراء الإسلامية، وأنتج منهم شعراء ملتزمين بأخلاقياتهم.

أثر العقيدة الإسلامية على الشعر الأموي

تأثرت الشعراء الأمويون بالعقيدة الإسلامية ومفاهيمها الأساسية التي تشمل أركان الإيمان الستة: الإيمان بالله واليوم الآخر، والملائكة، والكتب، والأنبياء، والقضاء والقدر. وقد برزت في العديد من الأشعار دلائل تعزز هذه الأركان.

وفي سياق التوحيد والإيمان بالله كإله واحد لا شريك له، خرجت كلمات الشاعر جرير:

ثقي بالله ليس له شريك

وفي ذات السياق، قال الحجاج بن يوسف الثقفي:

نجّاني الله فرداً لا شريك له

التوكل في الشعر الأموي

يعتبر التوكل على الله علامة فاصلة في الإيمان، وهو من الأمور التي أكد عليها القرآن والسنة. وقد أدخل الشعراء الأمويون مفهوم التوكل في أشعارهم، مثلما ورد في قصائد الفرزدق:

وإن الذي يغتر بالله ضائع

ولكن سينجي الله من يتوكّل

كما قال الشاعر جميل بن معمر:

كلوا اليوم من رزق الإله وأبشروا

فإن على الرحمن رزقكم غداً

وأيضاً لدى أبي الأسود الدؤلي:

إذا كنت معنيًا بأمر تريده

فما للمضاء والتوكل من مثل

توكّل وحمّل أمرك الله، إن ما

يراد له آتيك، أنت له مخل

فلا تحسبن السير أقرب للردى

من الخفض في دار المقامة والثمل

الإيمان بالغيب في الشعر الأموي

يعتبر الإيمان بالغيب وإفراد الله بعلمه من أبرز مفاهيم الإيمان في الإسلام. وقد تجلى هذا المعنى في أشعار الشعراء الأمويين بشكل واضح، مثلما قال الشاعر الراعي النميري:

وإني لداعيك الحلال وعاصماً

أباك وعند الله علم المغيب

ومن جهته، قال الفرزدق:

ملك به قصم الملوك وعنده

علم الغيوب ووقت كل حمام

كذلك قال قيس بن الملوح:

دعوت إلهي دعوة ما جهلتها

وربي بما تخفي الصدور بصير

Published
Categorized as روايات عربية