قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ). يخبر الله -عزّ وجلّ- عن إنزاله للقرآن الكريم على النبي، حيث أُنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ومن ثم تم نزوله بشكل متفرق على النبي -صلى الله عليه وسلم- على مدار حوالي ثلاثة وعشرين عامًا عبر الوحي جبريل -عليه السلام-.
وقد أقسم الله -سبحانه وتعالى- في بداية السورة بالقرآن الكريم، تأكيدًا على أهميته وعظمته، وتأتي هذه الآية كجواب لذلك القسم. وقد اختلف العلماء في تفسير وتحديد الليلة المشار إليها في هذه الآية الكريمة، وسيتم ذكر التفاصيل لاحقًا.
تُعرف الليلة المباركة بفضلها وكثرة الخيرات والبركات التي تنزل فيها، وقد تنوعت الآراء حول تحديد هذه الليلة، وفيما يلي أبرزها:
يذهب معظم المفسرين إلى أن المقصود هو ليلة القدر، نظرًا لأن القرآن نزل في شهر رمضان المبارك، كما ورد في قوله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)، وخاصّة أن شهر رمضان يعد شهرًا مباركًا، كما أن ليلة القدر ذات مكانة عظيمة، مليئة بالخيرات والرحمات.
قال مقاتل -رحمه الله- في تفسيره: “نزل القرآن كله من اللوح المحفوظ إلى السفرة في ليلة واحدة، وهي ليلة القدر، ثم قبضه جبريل من السفرة على مدار عشرين شهرًا، وبلغه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- خلال عشرين سنة.”
وهناك قولان في تفسير معنى إنزال القرآن الكريم:
توجد هذه الآية الكريمة في سورة الدخان، وهي الآية الثالثة منها. تُعد سورة الدخان من السور المكية، حيث تحتوي على 59 آية وفق العد الكوفي، و57 في العد البصري، و56 في باقي العدّ. تناولت السورة العديد من الموضوعات، منها: الحديث عن نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وتسليط الضوء على أهمية التوحيد لله -عزّ وجل-.
كما تناولت السورة قصة سيّدنا موسى -عليه السلام- مع فرعون وبني إسرائيل، وتصدت لمن أنكر البعث واليوم الآخر. ثم أوضحت جزاء المؤمنين وعزتهم، ومصير الكافرين وذلّتهم، بالإضافة إلى فضل الله ومنّته في تسهيل القرآن الكريم على لسان نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أوضح الله -تعالى- في كتابه الكريم في سورة الدخان، الآية الثالثة، إنزاله للقرآن الكريم في الليلة المباركة، وبالرغم من وجود قول بأن المقصود هو ليلة النصف من شعبان، إلا أن الأكثرية من المفسرين يتفقون على القول بأن هذه الليلة هي ليلة القدر. لذلك، أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم تسلم جبريل -عليه السلام- واستمر في إنزاله تدريجيًا على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أحدث التعليقات