الفروق بين الحضارة والثقافة

مفهوم الحضارة

شهد مفهوم الحضارة تطورات متعددة، مع وجود تعريفات متنوعة توضح معناه. تستند هذه التعريفات إلى أمثلة من القرآن الكريم، ومن بين التعريفات المعتمدة للحضارة ما يلي:

  • وصف ابن خلدون الحضارة بأنها تعبير عن الترف واحتراف الحرف التي تُستخدم في تلبية هذا الترف، مشيراً إلى أن البناء والتغيرات التي يُحدثها الإنسان في المنازل تُعتبر من مظاهر الحضارة المدعومة بالترف.
  • حدد ديورانت الحضارة كنظام اجتماعي يعزز من القدرة الإنسانية على زيادة إنتاجه الثقافي.
  • عرف عمر فَرّوخ الحضارة بأنها العادات التي يمارسها الناس في حياتهم، سواء في العلن أو الخصوصية، ضمن بلد وزمان معينين.
  • أوضح شوقي أبو خليل أن الحضارة تعد نتاجاً لجهود الإنسان التي تتضمن الاكتشاف والاختراع والتفكير والتنظيم، بهدف الاستفادة من الموارد الطبيعية لتحسين جودة الحياة، أي أنها تُعتبر حصيلة جهود جميع الأمم.
  • عرّف إبراهيم زيد الكيلاني الحضارة على أنها نظام اجتماعي يتضمن مجموعة من العناصر المعنوية والمادية، حيث تشمل العناصر المعنوية الأفكار والأعراف والقيم بينما تتمثل العناصر المادية في الحرف والصناعات ووسائل وأساليب الحياة.
  • أما عبد الرحمن الميداني، فقد قسم الحضارة إلى ثلاثة أصناف:
    • الأول: يتعلق بخدمة الجسم واحتياجاته اليومية.
    • الثاني: يتعلق بخدمة الإنسان نفسه.
    • الثالث: يهدف إلى سعادة الإنسان في الآخرة، ويبدأ من إدراكه لذاته وللكون المحيط به.

مفهوم الثقافة

تغير مفهوم الثقافة بمرور الزمن في تفسير دلالته، حيث بدأ المصطلح يتبنى معاني تتناسب مع تغيرات العصر، وفي فرنسا وألمانيا تم اعتماد المعنى المعياري أولاً، ثم تطور ليُصبح وصفياً. كما لوحظ أن مفهوم الثقافة حقق درجات متفاوتة من النجاح في دول مختلفة. ومن بين الشخصيات التي عرفت الثقافة:

  • كان أول من عرّف مفهوم الثقافة هو تايلور، عالم الأنثروبولوجيا البريطاني، الذي اعتبر أن الثقافة والحضارة تعنيان الشيء نفسه، حيث تشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والعادات وكل ما يكتسبه الإنسان كجزء من المجتمع. تعريفه الوصفي للثقافة يعبر ببساطة عن الحياة الاجتماعية للإنسان، لأنه يؤمن بقدرة الإنسان على التقدم.

الفرق بين الحضارة والثقافة

يعتبر بوعليان أن العلاقة بين الثقافة والحضارة تتحدد من خلال النظر إليهما كجذر وفرع، فالثقافة تُعتبر الجذر بينما الحضارة هي الفرع، حيث ذكر بوعليان مثالاً عن الثقافة الإسلامية كتعظيم الهجرة النبوية، التي تخدمها فروع حضارية متعددة مثل الدراسات العلمية والبرامج الوثائقية وتطبيق التقاويم الهجرية، مما يساهم في دور الحضارة بشكل عام.

كما يرى حسين مؤنس أن الثقافة هي التي تميز كل بلد عن آخر، موضحاً أن العلوم لا تختلف بين البلدان. مثلاً، الطب في فرنسا يظل كما هو في إنجلترا، بينما الأدب يعكس الفروق بين البلدان في الموضوعات واللغات المستخدمة. عطاها هذا التباين يحدد ثقافة دولة معينة. وبما أن العلوم تُعتبر عالمية، فإنها تنتمي إلى نطاق الحضارة، والتي تُبنى على قواعد نظرية وعملية واحدة، إذ تعتمد الحضارة الحديثة على أسس مشتركة تشمل المباديء الاقتصادية التي تتبع العواطف الإنسانية. وبهذا، نجد أن الثقافة تعني أي نشاط إنساني محلي متأثر بالبيئة، معبراً عن تقاليد الشعب في مجال معين.

الحضارة الإسلامية

نشأت الحضارات المختلفة على مر الزمن من التراث التاريخي للأمم، بما يحتويه من آراء متنوعة وأفكار وتيارات كسبت هويتها الخاصة بعد وقت طويل. وتوصف الحضارة الإسلامية، وفقاً لما ذكره المسلم النمساوي (ليوبو لدفابس)، أنها أشرقت وتميزت بأبعاد غير مسبوقة، حيث جمعت كل مقومات الحضارة المكتملة، التي تنبع من مجتمع وبيئة واضحة، مع رؤية خاصة للحياة ونظام تشريعي متكامل ينظم العلاقات بين الأفراد. لم تكن الحضارة الإسلامية نتيجة تقاليد سابقة أو تيارات فكرية متوارثة، بل جاءت كنتيجة لأحد أعظم الأحداث التاريخية، وهو نزول القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

Published
Categorized as معلومات عامة