الفرق بين الهدية والصدقة والهبة لا ينأى عن المعنى السامي للعطاء في ذاته، فهو خير كله وكل الناس يحبونه وحينما يأخذ أحدهم مالًا من غيره يرغب في أن يضع الموقف في إطاره الصحيح، وهذا ما سنبينه في موقع سوبر بابا.
إذا قرر الإنسان أن يخرج بعض المال ويريد أن يعرف مُراده، نذكر أن الفرق بين هدية وهبة أو صدقة يكمن في النية، لأن الحديث الشريف للنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل أمرئ ما نوى“.
فالنية هي التي تفرق بين كل عمل يعمله المسلم، وهي التي تحول ربما الطاعة بقدرها العظيم إلى معصية من أكبر الكبائر.
يستحسن حين نريد أن نعرف الفرق بين الهدية والصدقة والهبة أن نتناول الأشياء المشتركة بينهم، والفروق المميزة لكل على حدة حتى ندرك تمامًا الفارق.
الهدية تعبر عن امتنان المعطي أو الشكر أو تكون بقدوم مناسبة أو أثناء عمل احتفال بشيء ما يختارها المعطي حسب ذوقه وإمكانياته بما يتناسب قدر الإمكان مع حال أو رغبة المهدى إليه.
قد رغّب فيها رسول الله فقال: “يا نِساءَ المُسْلِماتِ، يا نِساءَ المُسْلِماتِ، لا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِها ولَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ” وفي حديث آخر قال: “لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ“.
الهبة ويطلق عليها العطية هي التي يعطيها غالبًا الأعلى الى الأدنى، فيعطيها الأكبر سنًا للأصغر، ويعطيها الأكثر علمًا للأقل علمًا، ويعطيها الأكثر مالًا للأقل منه، فالهبة عطاء مادي بمال أو بأي منقول مادي.
إن كان العطاء معكوسًا من الأقل علمًا أو مالًا أو سنًا فيعتبرها الكثيرون نوعًا من الهدايا لا الهبات.
اختلف الناس في العطاء المتبادل بين الأقران المتساوين.. هل هو هبة أو هدية، وهو كما رجح الكثيرون أنه أقرب إلى كونه هدية أكثر منه للهبة.
الصدقة هي مبلغ يدفعه بعض الناس لآخرين ابتغاء مرضات الله سبحانه، وربما تتميز الصدقة في اختلافها عن الهدية والهبة أنها لا تشترط التعارف المسبق بين المتصدق والمتصدق عليه.
بينما الهدية والهبة تشترط ذلك، فليس من الطبيعي أن يهدي شخص أو يهب لشخص آخر لا يعرفه.. والصدقة تدفع من الأعلى غالبًا للأقل منه وخاصة في المال، فالغني يتصدق على الفقير أو المحتاج ابتغاء الأجر من الله.
لتوضيح الفرق بين الهدية والصدقة والهبة نذكر أنّ الصدقة أيضًا تدفع لأغراض مثل الكفالة في الحياة وربما العلاج او لسداد الديون ففيها أن الطرف الآخذ لديه نوع من الاحتياج ولكن الهدية والهبة لا تستلزمان ذلك.
على أنّ الصدقة يشترط فيها أن تكون النية خالصة لله لكي ينال الإنسان بها الأجر من الله، وأداؤها في السر أقرب للقبول.. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف واحد من السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله “ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه“.
اقرأ أيضًا: الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام
في إطار توضيح الفرق بين الهدية والهبة والصدقة نذكر أنّ هناك أشياء مشتركة تجمع بينهم يمكن النظر إليهم كمجموعة واحدة تعبر عن انتقال مال من طرف لآخر منها:
اقرأ أيضًا: الفرق بين العفو والصفح في الإسلام
قد يخطئ الإنسان في توصيف بعض المال فيظنه من الهدية الجائزة، وهو ليس كذلك إذ يمكن أن يكون من الرشوة المحرمة، فالعبرة بحقيقة الشيء وليس بالتسمية التي نطلقها عليه.
فقد جاء رجل أرسله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليؤدي عمله بجمع الزكاة ولكنه عاد قائلًا هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
“ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي إليّ؟ ألا جلس في بيت أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا؟” فمنع رسول الله ذلك واعتبره من الرشوة.
ثم أضاف النبي قائلًا: ” والذي نفس محمد بيده، لا نبعث أحداً منكم فيأخذ شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال: اللهم هل بلغت ثلاثاً” فحذر الناس من تسمية هذا المال بغير اسمه وأن تغيير الاسم لا يغير من حقيقة المال.
بين هدايا وصدقات وهبات نذكر أنّ كل عطاء يعبر عن طيب النفس الذي تُعطى به، فيتقبله صاحب الأخذ بما يقر في قلبه من حب لصاحب العطاء.
أحدث التعليقات