تتباين الآراء حول مفهوم العين الثالثة باختلاف التصورات المتعلقة بها ومنشأ الفكرة، بالإضافة إلى إمكانية قياسها تجريبيًا أو عدم إمكانية ذلك. إذا حاولنا تعريف العين الثالثة، سنجد أنها تحمل عدة مفاهيم مختلفة، ومن أبرزها ما يلي:
يقول بعض الباحثين أن العين الثالثة تشير إلى الغدة الصنوبرية، والتي تعمل كعين فيزيائية لا تزال فائدتها غير واضحة للإنسان. يُعتقد أنها تعتبر مركز الروح والقوى الروحية، وتؤثر على العديد من الوظائف البيولوجية للجسد مثل تنظيم الجوع والعطش، الساعة البيولوجية، والتحكم في درجة حرارة الجسم، وتأثيرها على لون البشرة وغيرها من الوظائف.
يرى آخرون أن العين الثالثة تتطلب طقوسا معينة لفتحها، تُعتبر طقوسا وثنية تنكر وجود الله، مثل طقوس عباد البقر. لكن في الحقيقة، هي مسار خطير يدخل الأفراد في عوالم السحر والشياطين والكهانة، ويمتاز بتبني أساليب غريبة من قبل الممارسين.
يعتبر آخرون أن العين الثالثة تجسد مفهومًا باطنيًا صوفيًا فلسفيًا، حيث توفر إدراكًا يتجاوز الرؤية البصرية التقليدية، مما يمكن الأفراد من الحصول على معارف نورية ترتبط بالحدس والقدرة على استشراف المستقبل، بالإضافة إلى تجارب الخروج من الجسد للوصول إلى مستويات أعمق من الوعي.
يرى بعض المختصين أن العين الثالثة تقع على الجبين، من خلال التركيز وتحفيز الطاقة يمكن استخدام هذه العين. يُعتقد أنها تسمح برؤية الهالة المحيطة بالجسد، واستعادة الذكريات، واكتساب معرفة علم الغيب، وتحريك الأشياء فقط من خلال التأمل، وقراءة الأفكار في أذهان الآخرين. ومع ذلك، يعتبر العلماء كافة هذه الادعاءات أوهامًا وخرافات غير مثبتة علميًا أو دينيًا.
يدعي البعض أن العين الثالثة تحمل أسماء مختلفة، مثل: عين البصيرة، وعين العقل، والعين الروحية، والعين الداخلية. يُقال إنها تقع في منتصف الجبين بين الحاجبين، ويمكن فتحها من خلال تطبيق تمارين ذهنية تعزز التركيز والتأمل بين الحاجبين لفترة زمنية معينة مع الإبقاء على العينين مغلقتين، وهذا الأمر قد جذب انتباه العديد من الأفراد.
من المؤكد أن العلم التجريبي أحرز تقدمًا ملحوظًا في استكشاف أجزاء الجسم البشرية باستخدام تقنيات التصوير المتقدم، ومع ذلك لم يتم التوصل إلى أي دليل يشير إلى وجود عين ثالثة مخفية في الجبين أو توسيع الغدة الصنوبرية لكشف المستقبل وغيرها من الأمور.
ومن يدعي أن العين الثالثة هي الغدة الصنوبرية، يبدو أنه يسعى إلى شرح الفكرة بطريقة تعتمد على العالم المحسوس الذي يمكن قياسه وتحليله، بينما الآخرون يظلون محصورين في إطار أوهام واختراعات خيالية تُستغل لخداع الناس بالتظاهر بالروحانيات أو القوى الخارقة، ولا ينتج عن ذلك سوى أوهام خيالية ذات مقاصد غير نقية.
من المناسب الإشارة إلى ما يعرف بفراسة المؤمن، وهي المشاعر التي تنشأ في قلب المؤمن نتيجة قوة إيمانه وصفاء روحه. فكلما زاد الإيمان، نورت قلوبهم، مما يجعل بصيرتهم نادرًا ما تخطئ. هذا المثال يتجلى كثيرًا في سيرة الصحابة والسلف الصالح.
ويعتمد العلماء في توضيح فهم المؤمن للفراسة على قول الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)، وأيضًا قوله: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أحدث التعليقات