تُعتبر معركة اليرموك من الأحداث البارزة في التاريخ الإسلامي، وقد نتجت عن مجموعة من العوامل التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:
بعد أن كلف خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- القادة بفتح بلاد الشام، انطلق أربعة من القادة مع جيوشهم نحو هذه البلاد؛ وهم أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان. وعند وصولهم إلى جنوب الشام ومحاصرتهم بجيوش الروم الضخمة، قاموا بإبلاغ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بتفاصيل الحشود الرومانية.
حيث قُدِّر عددهم بنحو مئتان وخمسون ألف مقاتل من الروم بقيادة أخي هرقل المدعو تذراق، بالإضافة إلى ستين ألف مقاتل عربي بقيادة جبلة بن الأيهم الغساني. وعندما علم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بطلبهم للمدد، قرر اختيار القائد الذي سيغير مجرى المعركة، حيث قال: “والله لأُنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”، ثم أرسل إليه برقية تعلمه بالأمر.
وجاء في البرقية: “أما بعد، فإذا وصل إليك كتابي هذا، فاترك العراق، وخلف فيه أهله الذين قدمت عليهم، وامضِ متخففاً مع من رافقك من أهل القوة حتى تصل الشام، لتلتقي بأبي عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين، وإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة. والسلام عليكم”.
استجاب خالد بن الوليد سريعاً لأمر خليفة المسلمين -رضي الله عنه-، حيث غادر العراق مع سبعة آلاف مقاتل، واجتاز مسافة ناهزت ألف كيلومتر خلال ثمانية عشر يوماً، رغم الظروف الجوية والجغرافية الصعبة، متجاوزاً صحراء قاحلة ودرجات حرارة مرتفعة، مما جعل تلك المسيرة واحدة من أعظم المسيرات في التاريخ. ووصل إلى منطقة اليرموك، حيث تولى القيادة من أبي عبيدة بن الجراح.
برز خالد بن الوليد -رضي الله عنه- كقائد شجاع للجيش الإسلامي، وشارك في معركة حاسمة ضد الروم. وقد تم ذكر أن أحد المسلمين قال له: “ما أكثر الروم وأقل المسلمين”، فأجابه خالد: “ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجيوش بالنصر وتقل بالخسارة”.
بدأت أبرز أحداث معركة اليرموك بالخطة المحكمة التي وضعها القائد خالد بن الوليد، والتي استندت إلى ثبات المسلمين أمام الهجمات البيزنطية، حتى يضعف الجيش البيزنطي وتختل صفوفه. ولم يغفل عن تجهيز احتمال فشل المسلمين في المقاومة، ولكن في كل الأحوال، كان هدفه هو إضعاف الروم لتمكين الهجوم عليهم.
استمرت المعارك بين المسلمين والروم لمدة خمسة أيام متتالية، وقد أيدت الانتصارات المسلمين خلال هذه الأيام، حتى قرروا إنهاء المعركة خلال اليوم الخامس، المعروف بيوم الواقوصة، الذي صادف يوماً ذا حرارة شديدة وعواصف رملية تسببت في انتشار الغبار في وجوه الجنود الرومان. كان اتجاه الرياح يحمل الغبار نحو وجوههم، مما أثر سلباً على تركيزهم.
نتيجة لذلك، حدث تشتت في صفوف الروم وظهرت عليهم علامات التعب والإرهاق، وهو ما استغله خالد بن الوليد وقاد هجوماً عنيفاً في ظل ظروف صعبة كان يعاني منها البيزنطيون، مما ساهم في إحباطهم خلال المعركة.
مثلَت معركة اليرموك واحدة من أهم المعارك في تاريخ المسلمين، وأسفرت عن العديد من النتائج الهامة، منها:
أحدث التعليقات