العلوم الدينية في فترة حكم الأمويين والعباسيين

العلوم الدينية خلال العصر الأموي

شهد العصر الأموي تقدماً ملحوظاً في مجموعة من العلوم الدينية، ومن أبرزها:

علم الفقه

تعتبر مدينتا المدينة والكوفة من المراكز الفقهية البارزة في تلك الحقبة. وقد اشتهرت المدينة بفقهائها السبعة، مثل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد. أما فقهاء الكوفة فمن بينهم شريح القاضي، ومسروق بن الأجدع، والحارث الهمداني، وعلقمة بن قيس، وعبيدة بن عمرو السلماني.

داخل هذه المدارس الفقهية، ظهرت نمطين مختلفين من الاجتهاد؛ حيث كان فقهاء المدينة يحرصون على اتباع سيرة الصحابة في اجتهاداتهم، بينما اهتم فقهاء الكوفة بالتحليل والرأي الشخصي بشكل أكبر، نظراً لبعدهم الجغرافي عن مركز الصحابة خلال فترة الخلافة الراشدة.

علم القراءات

خلال العصر الأموي، كُتب مصحف عثمان في غالبيته دون نقاط أو تشكيل، ورغم ذلك لم يواجه العرب صعوبات في قراءته. لكن الأمر كان أكثر تعقيداً بالنسبة للفرس والهنود والشعوب الأخرى. لذا، لاحظ أبناء بني أمية تلك المسألة، وكلّف أبو الأسود الدؤلي زياد بن أبي سفيان بإضافة علامات الحركات، مما أسس لبداية علم النحو.

العلوم الدينية في العصر العباسي

علم الفقه

نشأت في العصر العباسي مجموعة من المدارس الفقهية، حيث انتج كل مركز مجموعة من الفقهاء. في بغداد برز القاسم بن سلام، وإبراهيم بن خالد بن أبي اليمان، وداود بن علي. بينما في الكوفة كان سفيان الثوري وابن أبي ليلى، وفي مكة سفيان بن عيينة، وفي خراسان إسحاق ابن راهويه، وفي مصر ابن لهيعة والليث بن سعد، وفي الشام الأوزاعي وسعيد التنوخي.

اتجه فقهاء العصر العباسي نحو تدوين الفقه وأصوله، مما أدى إلى نشوء المذاهب الإسلامية. فقد سعى الفقهاء لجمع الأصول اللازمة للاجتهاد واستنباط الأحكام الفقهية، وقام تلامذة هؤلاء الفقهاء بتدوين فتاواهم وجمعها في كتب، مما أسفر عن ظهور أتباع لكل فقيه يتبعون اجتهاده ورأيه.

علم الحديث

برز في العصر العباسي اتجاه واضح نحو تدوين الأحاديث النبوية، حيث نشط عدد من العلماء في هذا المجال، منهم علي بن المدني، ومحمد بن مسلم، وأحمد بن حنبل، وأبو عبدالله البخاري، ومسلم بن الحجاج. وقد قام هؤلاء بتأليف العديد من المؤلفات مثل المسانيد والسنن، كما أسسوا علم الجرح والتعديل بهدف تنقيح الأحاديث النبوية.

كتب السنة النبوية في العصر العباسي

قام العلماء في العصر العباسي بتأليف العديد من الكتب المتعلقة بالسنة النبوية، ومن أبرز هذه المؤلفات:

  • صحيح البخاري: ألفه محمد بن إسماعيل البخاري، حيث اهتم بدقة السند في كتابه، ولم يكتب حديثاً إلا بعد التأكد من نقله عن ثقة، ويحتوي على سبعة آلاف ومائتين وخمسة وسبعين حديثاً. وقد أولى العلماء أهمية كبيرة لكتاب البخاري وقاموا بشرح أحاديثه.
  • صحيح مسلم: ألفه مسلم بن الحجاج القشيري، حيث قام بتقسيم الأحاديث حسب صحتها إلى ثلاثة أقسام. ويعتبر صحيح مسلم أقل دقة من صحيح البخاري، لكنه لاقى اهتمام العلماء الذين وضعوا له شروحاً.
  • سنن أبي داود: ألفه سليمان بن الأشعث السجستاني، حيث اعتمد في كتابه على رواة الأحاديث المعروفين بصحتها، وقد يدرج في سننه أحاديث لا يراها صحيحة بهدف تفنيد الشبهات التي قد تحيط بها.
  • جامع الترمذي: ألفه محمد بن عيسى الترمذي، حيث رتب الكتاب بطريقة تتعلق بأحكام الشريعة، مع ذكر آراء الفقهاء حول الحديث.
  • سنن النسائي: ألفه أحمد بن شعيب النسائي، ويعد من الكتب القوية في الحديث، حيث اعتنى النسائي بموضوع السند وترك بعض الأحاديث التي الشك مطروح حول صحتها.
  • سنن ابن ماجه: ألفه محمد بن يزيد بن ماجه، ويحتوي على أحاديث صحيحة وحسنة وضعيفة، وقد زاد عن باقي كتب الأحاديث الخمسة بألف وثلاثمائة حديث.
Published
Categorized as إسلاميات