العلاقة بين الأخلاق والمعتقدات الدينية

نماذج على العلاقة بين العقيدة والأخلاق

نماذج من القرآن الكريم تظهر ارتباط العقيدة بالأخلاق

تتجلى العلاقة الوثيقة بين الأخلاق والعقيدة بشكل واضح في العديد من آيات القرآن الكريم، حيث تسلط هذه الآيات الضوء على تأثير العقيدة في تعزيز الأخلاق الحميدة التي دعا إليها الإسلام. ومن الآيات الدالة على ذلك، نذكر ما يلي:

  • يظهر التحلي بالصبر كخلق عظيم، وقد ذُكر في مواضع عدة في القرآن الكريم، مثل قوله -سبحانه وتعالى-: ما عِندَكُم يَنفَدُ وَما عِندَ اللَّـهِ باقٍ وَلَنَجزِيَنَّ الَّذينَ صَبَروا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ. وأيضًا: أُولَـئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ.
  • الطاعة تعتبر من الضرورات في حياة المسلم، سواء كانت لله -عز وجل- أو لرسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-، كما تشمل طاعة الوالدين. ومن الآيات الدالة على هذا الخلق قوله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمَ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً.
  • لقد أمرنا الله -سبحانه وتعالى- ببر الوالدين والإحسان إليهما، كما ورد في قوله -تعالى-: وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا* وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا.
  • حثَّ الله -عز وجل- الإنسان على الحفاظ على نفسه وحمايتها من الأذى، ويظهر هذا في تحريمه قتل النفس بغير حق، كما في قوله -تعالى-: وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ، وأيضًا تحريمه قتل الإنسان لنفسه كما في قوله -تعالى-: وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا.
  • الإسلام أمر بتجنب الفواحش وورد النهي عنها في عدة آيات، مثل قوله -تعالى-: وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ.
  • نادى الإسلام بحماية حقوق اليتامى ومنع أكل حقوقهم، كما جاء في قوله -تعالى-: وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ.
  • حثَّ الإسلام على الأمانة والعدل في المعاملات، كما ورد في قوله -تعالى-: وَيا قَومِ أَوفُوا المِكيالَ وَالميزانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ. كما دعت الرسالة السماوية إلى العدل حتى مع الأعداء بقوله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّـهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.
  • كما دعت الشريعة إلى الوفاء بالعهد حيث قال -تعالى-: وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كانَ مَسئولًا.
  • وفي سياق متصل، يُعزز القرآن الكريم ضرورة العدل والإحسان في كل مجالات الحياة، كما قال -تعالى-: إِنَّ اللَّـهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ.

نماذج من السنة النبوية توضح ارتباط العقيدة بالأخلاق

شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهمية التحلي بالأخلاق الحميدة، موضحًا الروابط الوثيقة بين العقيدة والأخلاق. وقد ورد عنه -عليه السلام- حديث يجسد هذه العلاقة بقوله: مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ. يتضح من هذا الحديث الترابط الحيوي بين الإيمان والأخلاق السامية في مختلف جوانب الحياة.

كما يُعتبر التمسك بالأخلاق الحميدة عبادة أساسية في الإسلام، ويُكافأ عليها المسلم بثواب عظيم. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ. كما أن المسلم الذي يتمتع بأخلاق حسنة سيحظى بشرف القرب من الرسول يوم القيامة، حيث قال: إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا. وتعتبر هذه الأخلاق من أثقل الأعمال حسنًا في ميزان الأعمال يوم الحساب.

تؤثر العبادة الجادة في سلوك المسلم، مثلما تعزز الصلاة النظام واتباع القوانين العامة، بينما يساعد الصيام في培养 الصبر والتعاطف مع الآخرين، وتعمل الزكاة على تنقية النفس من الشح، وتجعل المسلم أكثر سخاءً. بينما يمثل الحج فرصة لتعلم الصبر والابتعاد عن الجدل، مما يجعل الفرد أفضل تغييرًا.

كما أبان النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أحد أهداف بعثته هي تعزيز الأخلاق، حيث قال: بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ. إن حياة النبي تمثل تجسيدًا عمليًا لهذا الهدف، مما ساهم في انتشار الدعوة الإسلامية بصورة إيجابية. وقد أشار القرآن إلى عظمة أخلاقه، حيث قال -تعالى-: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ. وبالتالي، يتوجب علينا أن نقتدي بأخلاقه ليكون لنا نموذجًا يُحتذى به.

من الجدير بالذكر أن أخلاق الإسلام ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان، فهي أسس لا تتغير وتتسم بالتوازن والعدل.

Published
Categorized as إسلاميات