تتزايد المخاوف في الآونة الأخيرة بشأن الآثار المناخية المحتملة في المستقبل القريب، والتي توقع العلماء حدوثها إذا استمرت الأنشطة البشرية بنفس الوتيرة الحالية. من بين أبرز هذه الظواهر الاحتباس الحراري والتغير المناخي، بالإضافة إلى إمكانية دخول الأرض فترة جديدة من العصر الجليدي.
يمثل العصر الجليدي فترة جيولوجية شهدتها الأرض عدة مرات، حيث تتوسع الصفائح الجليدية السميكة لتغطي معالم سطح الأرض. آخر هذه الفترات كان العصر الجليدي الصغير في القرن السادس عشر، والذي انتشر تدريجياً وشكل أنهاراً جليدية قبل أن يتراجع مع مرور الزمن.
يعتقد العلماء أن العصر الجليدي القادم كان من الممكن أن يُعيد نفسه وفقاً للتاريخ الطبيعي للأرض خلال فترة تقارب 5000 عام. ومع ذلك، هناك عوامل قد تؤخر هذه الفترة إلى 10000 سنة بسبب زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي نتيجة حرق الوقود الأحفوري، مما يؤثر على دورات البرودة، حيث يعتمد حدوث العصر الجليدي على عاملين رئيسيين: تراجع النشاط الشمسي وارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يعتبر العامل المهيمن في الوقت الراهن.
أشار العلماء إلى أن تأخير قدوم العصر الجليدي قد يمتد ليصل إلى 100000 سنة إذا استمرت الأنشطة البشرية بنفس الشكل الحالي. غير أن ذلك لا يعني أن ارتفاع درجات الحرارة يعد شيئاً جيداً يمنع تجمد الأرض، فآثاره تنعكس على المناخ لفترات زمنية طويلة.
قام العلماء بدراسة شكل الأرض في حال دخولها عصر جليدي جديد عبر المحاكاة لفهم تأثير ذلك على الحياة. وتشير النتائج إلى انحباس المياه وتحول معظمها إلى جليد في المسطحات المائية، كما حدث قبل 12000 عام، عندما غطت الصفائح الجليدية أجزاءً من قارة آسيا وأوروبا بشكل كامل. يُمكن وصف الفترة الحالية بأنها مرحلة ما قبل العصر الجليدي، حيث تتجاوز درجات حرارة سطح الأرض المعدل الطبيعي.
يتطلب ظهور العصر الجليدي آلاف السنين، وينجم ذلك عن انخفاض درجات الحرارة في القطب الشمالي مع استمرار تساقط الثلوج وتراكمها لمدد طويلة دون أن تذوب، مما يؤدي إلى تكوّن صفيحة جليدية تتوسع مع مرور الزمن، فيما يصبح فصل الصيف أكثر برودة على مدى آلاف السنين.
دخلت الأرض في مرحلة ما قبل العصر الجليدي قبل 6000 عام، حيث لم تصل كمية الإشعاع الشمسي الكافية إلى القطب الشمالي. ورغم ذلك، أحدثت الثورة الصناعية تحولًا في هذا الاتجاه، إذ عززت من انبعاث غازات الدفيئة مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بدلاً من الانتقال نحو مناخ أكثر برودة.
يشير ظهور العصر الجليدي القادم إلى تحول كوكب الأرض إلى بيئة غير ملائمة للعيش، وذلك بسبب المناخ القاسي ونقص المياه وتحولها إلى جليد، مما سيؤدي إلى انخفاض مستوى سطح البحر وعدم صلاحية الأراضي للزراعة. وهذا يعني احتمال انتهاء الحضارة البشرية في معظم قارات العالم.
يعتقد العلماء والباحثون أن العوامل التي تؤخر قدوم العصر الجليدي القادم أو استمرار المرحلة الحالية لا تقتصر على حرق الكربون فقط، بل تتضمن أيضا ممارسات مثل زراعة المحاصيل على مساحات واسعة وإزالة الغابات لتحويلها لمناطق سكنية، بالإضافة إلى حرق الكتلة الحيوية، مما أدى إلى زيادة نسبة غاز الميثان بالإضافة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
أحدث التعليقات