توقف الوحي عن البشرية بعد نبوّة النبي عيسى عليه السلام، وأما العرب في الجزيرة العربية فقد كانوا يتبعون الحنيفيّة السمحة. وكان آخر نبي أُرسل إليهم قبل فترة انقطاع الوحي هو النبي إسماعيل عليه السلام. ونتيجةً لغياب الرسالة والوحي لفترة طويلة، شهد المجتمع تغيرات وتحريفات في الأديان السائدة، مما برزت معه سلوكيات وأخلاقيات تعكس حاجة المجتمعات للتوجيه الرباني. وقد كانت رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الأخيرة للبشرية من أجل إخراجهم من الظلمات إلى النور. وقد اختلفت أحوال الأديان قبل البعثة وفقاً لاختلاف مجتمعاتهم كما يلي:
كما اعتنق بعض سكان العراق وصحراء فاران والبحرين واليمن الديانة المسيحية، في حين انتشرت اليهودية في المدينة ومناطق خيبر والحجاز بعد هجرتهم عليها بسبب احتلال اليونانيين. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك معتقدات أخرى مثل الدهرية، التي تعزو كل شيء للدهر، وبعض العرب كانوا ينكرون الآخرة والمعاد، حيث قال الله تعالى عنهم: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).
هيمنت القبائل على المجتمع العربي قبل الإسلام، ولم يكن هناك اعتراف بسلطة مفردة سوى سلطة العشيرة. وقد تفشت العصبية القبلية التي ساهمت في تماسك الأفراد ودعمهم لبعضهم عبر روابط الدم. كانت القبيلة تُضمن دعم المظلومين، وتفرض ثأرها في حالات القتل. وكان الشيخ يُعتبر الحاكم الفعلي للقبيلة، وتمتد سلطته على أفرادها. وقد أسهمت عدة عوامل في وحدة المجتمعات العربية، مثل العصبية القبلية ونظام الثأر والتحالفات بين القبائل.
عُرف العرب بالعديد من الصفات الأخلاقية مثل الكرم والشجاعة، حيث كانوا يدافعون عن قبيلتهم ونسائهم والضعفاء، مما أسفر عن صفات أخرى مثل مساعدة المحتاجين والعفو رغم المقدرة والوفاء.
بفضل العوامل الجغرافية والمناخية، كانت معظم أراضي العرب صحراوية الشكل، مما جعل الرعي المورد الأساسي للاقتصاد. تنوعت المراعي في البلاد العربية وفق الطبيعة الجغرافية، إلى جانب جني التمر من الواحات. كانت القوافل التي تمر بأراضيهم تُعتبر مصدراً مالياً مهماً. بينما ازدهرت الزراعة في مناطق مثل اليمن، تطورت به أنظمة ري وتجارتها. كما نشأت الأسواق وعقود تجارية مرتبطة بالزراعة.
مع تطور الزراعة، برزت الصناعات مثل صناعة الجلود والعطور والأسلحة. وقد ساهم توفر المواد الخام في تنمية هذه الصناعات، بالإضافة إلى صناعة النسيج والغزل. كانت النتيجة إنتاج أنواع متنوعة من الأقمشة والبسط والستائر.
بعث الله -تعالى- نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام للبشرية، وفيما يلي نستعرض أحوال العالم بعد بعثته:
أحدث التعليقات