الشيخ عبد الحميد عبد العزيز محمد كشك، وُلد في 10 مارس 1933م ببلدة شبراخيت التابعة لمركز محافظة البحيرة في جمهورية مصر العربية. بعد إكمال تعليمه في الأزهر وكلية أصول الدين، عُين إمامًا في مساجد الأوقاف ثم أصبح خطيبًا بارزًا لقب بـ “فارس المنابر”. توفي الشيخ كشك في 6 سبتمبر 1996م في منزله خلال فترة إقامته الجبرية، حيث انتقل إلى الرفيق الأعلى وهو في حالة سجود.
ولد الشيخ كشك لعائلة فقيرة وعاش طفولة سليمة، لكنه فقد بصره في سن السادسة نتيجة مرض الرمد. أتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة خلال دراسته بالمعهد الديني في الإسكندرية. كان عمّه، الشيخ عبد الفتاح، مأذونًا للبلد، وبحلول سن السادسة عشرة، ألقى الشيخ كشك أول خطبة له في المسجد البحري. انضم لاحقًا إلى الأزهر حيث تخرج بتفوق، ثم التحق بكلية أصول الدين وحصل على تكريم من رئيس الجمهورية لتفوقه، ليتولى بعدها إمامة وخطابة مساجد الأوقاف.
كان منهج الشيخ كشك في تفسير القرآن يبدأ بمقدمة موجزة حول السورة، مبيّنًا مكان نزولها وعدد آياتها وكلماتها ومميزاتها. ثم يوضح المقصود من السورة بإيجاز، كما يستعرض المتشابهات بين آيات السورة ذاتها وآيات السور الأخرى، ويقوم بعدّ الآيات وشرح مناسبتها للسياق. بعد ذلك، يقوم بتقسيم السورة إلى مقاطع حسب الموضوع، مع وضع عنوان لكل مقطع. وفي تفسير الآية، يشرح المفردات الصعبة ويقدم تفسيرات تتعلق بالسياق التاريخي والمضمون، ويستند في تحليلاته إلى أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- وآراء كبار علماء الدين.
ألف الشيخ عبد الحميد كشك العديد من الكتب، ومن أبرزها:
هذا الكتاب يدعو المسلمين لتقييم أعمالهم ومحاسبة أنفسهم والعمل نحو التغيير الإيجابي وفقًا لأوامر الله. يتضمن فصولًا حول أهمية ذكر الله ومدارسة القرآن، وأسباب عذاب القبر وعلاقته بالحياة والموت. صدر الكتاب في جزء واحد عام 1982م.
يستعرض الشيخ كشك في هذا الكتاب موضوع الخطب والدروس والمحاضرات، ويبحث في الدعوة وأصولها، ومقومات الدعاة، وطرق إعدادهم وإيصال رسالتهم التي تستند إلى ركائز العقيدة. صدر الكتاب في جزء واحد عام 1990م.
هذا الكتاب يتناول نشأة الرسول الكريم وشخصيته، والإسراء والمعراج، كما يعكس صفات المؤمنين وأخلاقهم، والسبل التي يقودهم إلى الله. يتطرق الكتاب إلى موضوعات عدة مثل الحج والزواج والموت والآخرة وآداب المعاملة، وقد صدر في 26 جزءًا عام 1988م.
يتناول الشيخ كشك في هذا الكتاب قضايا عقدية تتعلق بحياة المسلم في عشرة أجزاء، مشيرًا إلى موضوعات مثل الدعاء والميراث وإقامة الحدود، بالإضافة إلى تفسير آيات معينة وأسباب نزولها وأحكامها الشرعية. تم نشر الكتاب عام 1999م.
قدم الشيخ عبد الحميد كشك آلاف المحاضرات والخطب والدروس التي لا زالت تُفيد الكثيرين حتى اليوم، ومن بين تلك المحاضرات:
ألقيت هذه الخطبة سنة 1977م، حيث تم تسليط الضوء على أسباب هجرة الرسول من مكة وكيف حدثت، ودور الصحابة في دعم هذه الهجرة. استخدم الشيخ آيات قرآنية وشواهد أدبية لاستعراض مشاق الهجرة وأبرز الشخصيات التي وقفت بجانب النبي، ليقدم عبر ودروسًا مستفادة من هذه المرحلة التاريخية.
في هذه الدروس، يبرز الشيخ كشك الاستغفار كعلاج روحي، مستندًا إلى أحاديث الرسول حول هذا الموضوع. يناقش كيف أن الانغماس في الماديات يؤدي إلى المشقة، ويشرح تكوين الإنسان من عناصر بسيطة مقارنةً بأهميته الروحية. يتحدث كذلك عن فوائد الاستغفار ودوره في نجاة الإنسان.
يتناول الشيخ كشك في هذا الدرس قيام الساعة وأهمية المحاسبة على الأعمال، والمغزى من زيارة المقابر. يناشد الناس للعودة إلى الله ويشجع على الرحمة بين البشر، مشيرًا إلى أهمية التراحم في حياة الفرد والمجتمع مستشهدًا بقصص من تجاربه الشخصية وتجارب الصحابة.
كان الشيخ كشك من أبرز خطباء المساجد في السبعينيات، وقد استقطب المئات من المسلمين والعرب. تميز جرأته في التعبير عن آرائه، مما جعله يتعرض للعديد من الانتقادات والنزاعات مع كبار القادة والشخصيات العامة، لكنه استمر في طرح آرائه الصريحة مما أكسبه لقب “فارس المنابر”.
توفي الشيخ كشك في 25 رجب 1417 هجري، الموافق 6 سبتمبر 1996م، في منزله أثناء تأديته الصلاة. يُذكر أن أبناءه قالوا إنه في أيامه الأخيرة كان يتأمل مستقبل الأمة الإسلامية. أوصى بتسليم الأمانات التي بحوزته إلى مستحقيها، وتحدث مع زوجته عن حلم رآه في وفاته. توفي وذهنه مشغول بالدعاء، مقتفيًا أثر الأنبياء في خشوعه وسكونه.
أحدث التعليقات