تصنّف الشعراء الذين عاشوا بين فترتي صدر الإسلام والعصر الأموي على أنهم شعراء مخضرمون، وفقًا للمعايير اللغوية الحديثة. ومن أبرز هؤلاء الشعراء: الأخطل، والفرزدق، وجرير، والوليد بن عقبة، بالإضافة إلى العديد من الشعراء الآخرين. وفيما يلي تعريف مختصر بأهم هؤلاء الشعراء.
يُعرف الأخطل باسم غياث بن غوث بن الصلت التغلبي، وينتمي إلى قبيلة بني تغلب الشهيرة. وُلد عام 19 للهجرة ولقب بأبي مالك. بدأ حياته كمسيحي ولكنه أسلم فيما بعد. قدم الأخطل العديد من القصائد في المدح، حيث انهمك في مدح الخلفاء الأمويين وتفوق في ذلك، مما جعله يُعتبر من أبرز شعراء عصره. هنا نموذج من أشعاره:
صَرَمَت حِبالَكَ زَينَبٌ وَقَذورُ
وَحِبالُهُنَّ إِذا عُقِدنَ غُرورُ
يَرمينَ بِالحَدَقِ المِراضِ قُلوبَنا
فَغَوِيُّهُنَّ مُكَلَّفٌ مَضرورُ
وَزَعَمنَ أَنّي قَد ذَهَلتُ عَنِ الصِبا
وَمَضى لِذَلِكَ أَعصُرٌ وَدُهورُ
وَإِذا أَقولُ صَحَوتُ مِن أَدوائِها
هاجَ الفُؤادَ دُمىً أَوانِسُ حورُ
وَإِذا نَصَبنَ قُرونَهُنَّ لِغَدرَةٍ
فَكَأَنَّما حَلَّت لَهُنَّ نُذورُ
الحطيئة هو أبو مليكة جرول بن مالك العبسي، وُلد ضمن جيل بدوره شهد الجاهلية وبداية الإسلام حتى العصر الأموي، حيث توفي عام 59 للهجرة. اشتهر بسلاطة لسانه وقدرته على الهجاء، حتى قيل إنه هجا نفسه عندما لم يجد من يهجوه. كما عُرف عنه أنه كان شاعرًا متكسبًا، إذ اعتمد على الشعر كمصدر للرزق. وقد ارتد عن الإسلام خلال حروب الردة لكنه عاد إليه مرة أخرى. وصف بأنه كثير الشر وقليل الخير.
اعتُبر الحطيئة شاعرًا بارعًا حيث أبدع في مجالات الشعر المختلفة، بما في ذلك المدح والهجاء والفخر والنسيب. وقد تتلمذ على يد زهير بن أبي سلمى ودون أشعاره، حيث ورث عنه مهارة صقل الشعر وتنقيحه. ومن أبرز قصائده:
قَبَحَ الإِلَهُ بَني بِجادٍ إِنَّهُم
لا يُصلِحونَ وَما اِستَطاعوا أَفسَدوا
بُلُدُ الحَفيظَةِ واحِدٌ مَولاهُمُ
جُمُدٌ عَلى مَن لَيسَ عَنهُ مُجمَدُ
أَغمارُ شُمطٍ لا تَثوبُ حُلومُهُم
عِندَ الصَباحِ إِذا تَعودُ العُوَّدُ
فَإِذا تَقَطَّعَتِ الوَسائِلُ بَينَنا
فَبِما جَنَت أَيديهِمُ فَليَبعَدوا
مَن كانَ يَحمَدُ في القِرى ضِفانُهُ
فَبَنو بِجادٍ في القِرى لَم يُحمَدوا
عمر بن أبي ربيعة هو ابن المغيرة بن عبد الله، ينتمي إلى قبيلة بني مخزوم، وُلد عام 23 للهجرة. نشأ في عائلة غنية، مما أتاح له الفرصة للتفرغ لحياته الأدبية وكتابة الشعر، الذي كان غالبًا ما يتطرق إلى الغزل. اشتهر بنمط شعر الغزل الصريح. ومن قصائده التي تتميز بالأسلوب القصصي:
حَدِّث حَديثَ فَتاةِ حَيٍّ مَرَّةً
بِالجِزعِ بَينَ أَذاخِرٍ وَحَراءِ
قالَت لِجارَتِها عِشاءً إِذ رَأَت
نُزَهَ المَكانِ وَغَيبَةَ الأَعداءِ
في رَوضَةٍ يَمَّمنَها مَولِيَّةٍ
مَيثاءَ رابِيَةٍ بُعَيدَ سَماءِ
في ظِلِّ دانِيَةِ الغُصونِ وَريقَةٍ
نَبَتَت بِأَبطَحَ طَيِّبِ الثَرياءِ
وَكَأَنَّ ريقَتَها صَبيرُ غَمامَةً
بَرَدَت عَلى صَحوٍ بُعَيدَ ضَحاءِ
أحدث التعليقات