يعتبر النظام الشرطي في الإسلام من أهم المكونات الأساسية لأجهزة الدولة، حيث يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع. يعتمد هذا النظام على الأفراد الذين يكلفون بمهمة الحفاظ على سلامة الأفراد والممتلكات.
في هذا المقال، سنستعرض أول من أدخل نظام الشرطة في التاريخ الإسلامي.
الشرطة في الإسلام
- تُعد الشرطة إحدى الوظائف الحيوية في الدولة الإسلامية، وهي تشكل ركيزة أساسية في حياة المجتمع.
- تتولى الشرطة مسؤولية الحفاظ على النظام وتأمين المجتمع، بينما تنفذ الأحكام القضائية لضمان سلامة الأفراد وممتلكاتهم؛ فهي بمثابة القوات المسلحة للأمن الداخلي.
- لقد اعتمد المسلمون نظام الشرطة منذ عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، على الرغم من أنها لم تكن تتسم بالتنظيم الهيكلي في البداية.
- وكان الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الأول الذي قام بتنظيم دوريات ليلية، حيث كان ينظم تجوالاً ليلياً في المدينة المنورة لحماية المواطنين وكشف المشتبه فيهم.
الشرطة في عهد الخلفاء الراشدين
- يمكن القول إن الشرطة بدأت بسيطة خلال فترة الخلفاء الراشدين، ثم شهدت تطورًا منظمًا في العصور الأموية والعباسية.
- في بداية المطاف، كانت الشرطة تابعة للقضاء بهدف تنفيذ الأحكام الصادرة، لكنها لاحقًا أصبحت مستقلة وأصبح رئيس الشرطة مسؤولاً عن التحقيق في الجرائم.
- تمتلك كل مدينة قوات شرطة خاصة، يرأسها رئيس هو قائد الشرطة ويعاونه نواب ومساعدون، وكانوا يرتدون زيًا خاصًا ويحملون رماحًا صغيرة تُعرف بـ”المطاريد” التي تحمل أسماءهم، بالإضافة إلى كلاب الحراسة والفوانيس في الليل.
أول من أدخل نظام العسس الشرطة في الإسلام
- تُعتبر الشرطة عنصرًا أساسيًا في أي مجتمع، حيث تساهم في الحفاظ على الأمن وحماية مصالح الأفراد.
- يُعتبر الخليفة عمر بن الخطاب هو رائد إدخال نظام الشرطة إلى الإسلام، رغم أن بعض الآراء تُشير إلى عمرو بن العاص كأول من أوصل هذا النظام عندما تولى إمارة مصر.
- أصبحت وظيفة الشرطة منظمة بشكل أكبر في عهد الخليفة علي بن أبي طالب، حيث أُطلق على رئيسها “صاحب الشرطة”.
الشرطة في عهد الأمويين
- قام الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) بتجنيد عدد أكبر من رجال الشرطة وتعزيز النظام الشرطي عبر إنشاء شرطة الحراسة الشخصية.
- كان معاوية أول حاكم مسلم يُعين حارسًا في حين أن الخلفاء السابقين (عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم) لم يتخذوا تلك الخطوة.
- لعبت الشرطة تحت الحكم الأموي دورًا مهمًا في تنفيذ أوامر الخليفة. وفي بعض الأحيان، كان منصب رئيس الشرطة حساسًا لدرجة أن بعض الأمراء ونواب الملوك كانوا يحتفظون به.
- في عام 110 هـ، تم تعيين خالد بن عبد الله نائبا للملك وقائدًا لشرطة البصرة.
- كان الخلفاء الأمويون مدركين لأهمية هذا المنصب، لذلك وضعوا معايير محددة يجب أن يتسم بها قائد الشرطة مثل الحزم واليقظة والنزاهة.
- سعى الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق والحجاز في زمن عبد الملك بن مروان، للبحث عن رجل مناسب لتولي قيادة الشرطة في الكوفة.
- تحدث الحجاج مع النخبة من المجتمع ليُرشحوا له شخصًا نزيهًا وصادقًا، فتم اقتراح عبد الرحمن بن عبيد التميمي.
الشرطة في عهد الأمويين
- تم التواصل مع التميمي لتولي هذا المنصب، لكنه اشترط عدم تدخل أولاد الحجاج في عمله.
- قام الحجاج بالاستعانة بخادمه لإعلان أن من يسعى للتواصل معه يجب أن يبتعد عمن يريد.
- حتى أنه قد لا يستقبل أي شخص لأيام، مما يشير إلى كفاءة التميمي.
- نتيجةً لذلك، تم تعيينه رئيساً لشرطة الكوفة والبصرة، مما يدل على أن منصب قائد الشرطة شهد تطوراً ملحوظًا خلال تلك العصور، حيث أصبح منوطًا بشؤون التحري وتنفيذ العقوبات.
- وفي ظل ذلك، قامت الدولة الإسلامية ببناء السجون لاحتجاز المجرمين والمتمردين. وتُعتبر الشرطة حجر الزاوية في النظام الأمني.
الشرطة في عهد العباسيين
- استثمرت الدولة العباسية في بناء السجون من خزينتها العامة (بيت المال)، رغم حماية هذه السجون للمجتمع من شرور ومخاطر السجناء.
- كان العباسيون حريصين على اختيار قادة عادلين ومثقفين لدور الشرطة لضمان تنفيذ العقوبات بشكل نزيه.
- في ظل كفاءة بعض القادة العسكريين خلال هذه الفترة، عيّن الخليفة المأمون عبد الله بن طاهر بن الحسين ليكون قائداً لشرطة العاصمة بغداد، بعد أن أظهر مهارات عسكرية خلال الفتوحات.
- استغنت الدولة عن القادة الفاسدين الذين خالفوا حدود العقوبات الشرعية. فعلى سبيل المثال، أقال الخليفة العباسي المقتدر بالله رئيس شرطة بغداد، محمد بن ياقوت، لسوء سلوكه.
- شملت المهام العامة لرؤساء الشرطة مسؤولية الحفاظ على النظام ومعاقبة المجرمين والمساعدة في الحفاظ على الآداب العامة.
- لذا، فقد كان من الشائع أن يأمر نائب مصر بإجراءات لتحديد ما إذا كانت الأنشطة العامة لائقة وأن تُحارب الكحول.
- في المقابل، تم إجبار رؤساء الشرطة الضعفاء على تحسين أدائهم واستعادوا انضباطهم وفقًا لقوانين الدولة.
معايير اختيار رئيس الشرطة
- أوليَت المؤسسات الحكومية أهمية كبيرة لاختيار قادة فعّالين، حيث تم التركيز على الذكاء والفكر في اختيارهم.
- حظي منصب قائد الشرطة بشهرة واسعة في معظم البلدان الإسلامية، وأُطلق عليه في بعض الأحيان أسماء مختلفة مثل “الحكيم” أو “الوالي” خلال فترة المماليك.
- في مصر، كانت الشرطة تُعتبر واحدة من أهم الإدارات العامة، وكان رئيس الشرطة يُمثل أحد النخبة.
- كان يمتلك مقر قيادة الشرطة مجاورًا لجامع العسكر، المعروف باسم “الشرطة العليا”، حيث كان قائد الشرطة يستفسر عن الوضع الأمني في المناطق التابعة لسلطته.
- خلال العصور، تطورت المهام الموكلة لرئيس الشرطة بشكل يتناسب مع متطلبات المجتمعات.
- لقد أثبتت الحضارة الإسلامية قدرتها على تطوير مؤسسات الدولة بما يتناسب مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية، مما جعل منصب قائد الشرطة عنصرًا ضروريًا على مر العصور.
أحدث التعليقات