محمّد حافظ إبراهيم يعتبر من أبرز الشعراء المعاصرين في العالم العربي، وخصوصاً في مصر. يُعرف بلقب “شاعر النيل” و”شاعر الشعب”. يُعتبر حافظ أحد أبرز أعضاء مدرسة الإحياء والبعث التي تميزت بوجود شعراء كبار آخرين مثل أحمد شوقي ومحمود سامي البارودي. كما تربطه بأمير الشعراء أحمد شوقي صداقة وطيدة استمرت حتى وفاته. من الجدير بالذكر أن حافظ إبراهيم كان يحظى بعظيم الاحترام بين مؤيديه وكذلك خصومه؛ على الرغم من اختلاف آرائه مع العقاد وخليل مطران فيما يخص المذهب الشعري، إلا أنهم كانوا يكنّون له كل التقدير والاعتراف بمكانته البارزة في الأدب.
لم يكن تاريخ ولادة حافظ إبراهيم معروفاً حتى في وثائقه الرسمية، ولكن بعد تعيينه في دار الكتب طُلب منه توثيق يوم مولده. وفي الرابع من فبراير 1911م، أُرسل إلى لجنة طبية لتقدير عمره، حيث حُدد بسن التاسعة والثلاثين، وبذلك اعتُبر يوم ميلاده في 4 فبراير 1872م. يقول الأستاذ أحمد أمين عن ولادته على ضفاف النيل: “كانت ولادة شاعر النيل على ضفاف النيل علامة طريفة”. وُلد حافظ في سفينة “ذهبية” راسية على ساحل النيل، ووالده كان المهندس المصري إبراهيم فهمي، الذي عمل على قناطر ديروط. أما والدته فهي “هانم بنت أحمد البورصه لي”، التي تنتمي إلى عائلة تركية تقطن في حي المغربلين الشعبي بالقاهرة.
نشأ والد حافظ إبراهيم، إبراهيم فهمي، في بلدة ديروط في صعيد مصر، وأصبح مسؤولاً عن القناطر على نهر النيل عام 1870م. عاش في سفينة ذهبية مع زوجته بينما وُلد حافظ إبراهيم. توفي والده وتولى خاله المتخصص في الهندسة مسؤولية رعايته وتعليمه. وقد أُرسل إلى الكُتّاب ثم المدرسة، لكنه انتقل بين عدة مدارس حتى التحق بالمدرسة الخديوية. لاحقاً انتقل خاله إلى طنطا، مما أثر على تعليم حافظ، فالتحق بالجامع الأحمدي غير منتظم. وقد أتاح له هذا المكان دراسة الأدب والشعر العربي.
في وقت لاحق، قرر حافظ إبراهيم البحث عن لقمة العيش، فمارس مهنة المحاماة بسبب قدراته اللفظية. بقي في هذه المهنة لفترة، ثم انتقل إلى المدرسة الحربية حتى تخرج منها عام 1891م، عُين بعدها في وزارة الحربية لمدة ثلاث سنوات، ثم انتقل للعمل في وزارة الداخلية قبل العودة مرةً أخرى لوزارة الحربية.
مرّ حافظ إبراهيم بتجارب عديدة في حياته المليئة بالتحديات. نشأ يتيماً من أسرة متوسطة، ولهذا كان يدرك أهمية العمل لإعالة نفسه. حاول العمل في صحيفة الأهرام ولكنه لم يقبل. عُين في عام 1911م بدار الكتب المصرية في قسمها الأدبي، وهو ما أثر إيجاباً على إنتاجه الشعري حيث ابتعد عن المواضيع السياسية والاجتماعية.
تزوج حافظ إبراهيم في عام 1906م من ابنة أحد الأثرياء في حي عابدين، ولكن لم يستمر زواجه طويلاً إذ انفصلا بعد أربعة أشهر. لم يخوض حافظ أي علاقات زواجٍ أخرى، مفضلاً التعبير عن عواطفه في شعره تجاه وطنه هموم الشعب. تُوفيت والدته متأثرةً بحالته، وتوفي خاله فيما بعد، مما تركه تحت رعاية زوجة خالته.
استفاد حافظ إبراهيم من التعلم تحت إشراف أبرز شعراء وعلماء عصره. كانت مجالسه المعرفية غنية بالعلوم الأدبية، واكتسب من خلالها ثروة لغوية قوية. كان يتردد على بيت توفيق البكري، ويستمع إلى علماء مثل الشيخ الشنقيطي والشيخ محمد الخضري. وعند تردده على بيت إسماعيل صبري، استطاع التفاعل مع العديد من الشعراء الآخرين الذين اعتبروا إسماعيل أستاذاً لهم، ومنهم أحمد شوقي وخليل مطران.
تميز حافظ إبراهيم بصفات جعلته شاعراً فريداً من نوعه، منها قوة الذاكرة وقدرته على استعادة القصائد والمعلومات بشكل سريع. على الرغم من كل هذه القدرات، إلا أنه اختار عدم القراءة أثناء عمله في دار الكتب بسبب شعوره بالملل. كان له حس فكاهي يضفي البهجة على المجالس. ومع ذلك، كانت هناك ملاحظة سلبية واحدة تتعلق بتبذيره المالي.
تعتبر شعرية حافظ إبراهيم وسيلة للتعبير عن مشاعر عميقة تجاه وطنه والشعب. استخدم شعره للدفاع عن قضية بلاده، مع التحذير من محاولات إضعاف الإيمان والقضايا الاجتماعية. يتميز شعره بالواقعية، ولكنه يحمل أيضاً طابعاً قصصياً واضحاً.
الأشعار التي نُشرت لحافظ إبراهيم كانت نتيجة جهوده في التواصل مع المنابر الأدبية، وكتبه المنثورة ليست بالعدد الكافي لإظهار شِعره الكامل. وقد تم جمع أشعاره في مراحل زمنية مختلفة، بما في ذلك أثناء حياته وبعد وفاته.
هذا الكتاب يمثل طريقة جميلة لرغبة حافظ إبراهيم في توجيه الجيل الجديد نحو فهم الحياة ومعانيها المختلفة. يتم طرح الأسئلة والإجابات بطريقة سلسة، مما يجعله قريباً من مختلف الفئات.
يتحدث هذا الكتاب عن القضايا الاجتماعية من خلال سرد قصصي يتناول أحد سكان النيل. بخلاف الطابع الأدبي، يمثل الكتاب مناقشة نقدية للأخلاق والعادات الشعبية.
توفي حافظ إبراهيم في 21 يونيو 1932م، وتم دفنه في مقبرة السيدة نفيسة. قبيل وفاته بيوم، دعى أصدقائه لتناول العشاء ولكنه لم يتناول الطعام. وقد فارق الحياة قبل وصول الطبيب. كان الشاعر أحمد شوقي بعيداً عن القاهرة، وعندما علم بوفاة صديقه، نظم أبيات رثاء له، معبراً عن حزنه العميق.
قد كنت أوثر أن تقول رثائي
يا مُنصِف الموتى من الأحياء
أحدث التعليقات